الفصل الخمسون!.

12 2 107
                                    

كان من الغريب أن نور مكتبه دائماً أزرق ، حتى لو لم يكن القمر واضحاً أو له نورٌ محجوب ، ولكن هناك شيء غريب في زجاج مكتبه بالذات ، لمَ ينير بالازرق دائماً؟ ، ولم لعيون جيمان الزرق بريقٌ بهيجٌ لم يوجد مثله ولو عند أقاربهم روكو؟ ، تساءلت تلك المرأة التي ولدته للحظات ، وتذكرت والده ، وزمان والده ثم عادت إلى رشدها،  جلست وعدلت شعرها إلى الخلف ، كانت في وجود ابنها ككيانٍ مألوف ولا غريب فيها سوى الياقوت القاني ، قال في خضم حديثهم :

- لمَ لا تحدثينني بصراحة الآن؟ ، أولم يحن وقت الحقيقة بعد كل هذه السنوات الطوال؟؟.

تنهدت وأجابت باسمة:

- وإذن خذ هذه ، أوتعلم بأنك لستَ مضطراً لجعل والدك فخوراً أو ما شابه ؟.

جلس على الكرسي ، وخلل أنامله بناصيته البيضاء ، كان قد إعتاد وضع رجل على رِجل لكنه لم يفعل ذلك إحتراماً لوالدته ، سأل مستغرباً :

- ماذا؟.

- منذ أن كان صبياً كان يراك فيما يرى النائم ، وإختلفت إليه غير ليلةٍ ، حتى ظن أنك كيان مِن الماضي ، ظن أنه سليلٌ لك ، فاحتفى بك طيلة شبابه كالبطل المجهول ، ولم يعلم أنك ابنه حتى كبر قليلاً وإنقضت السنين وهو يراك في حلمه ، فحينما ولدت أدرك الأمر ، منذ البداية قد كان فخوراً بك يا أليكسيس.

وقعت عليه تلك العبارة كالصاعقة ، ظل صامتاً ، شارداً ، غير مستوعب لما يطرأ لحاله الذي يعجب له الصخر ، لمَ الجيمانيّ حاضرٌ فِي أحلام الخلق ، و لم يكن له في ساحة النوم مشرع؟.

- كيف هذا؟.

تبسمت وغيرت جلستها وأجابته بنظرة ذكية:

- لا أدري يا أليكسيس ، ولكن بالنسبة لشخص ولد وهو يستمع إلى أفكار الناس ،  وله رفاق لا يراهم من هم مِن آل جنسه ، هذا شيء عاديّ.

جفل أليكسيس ووقف ، صعق بعبارتها هذه أكثر مما قبلها ، كيف علمت بهذا؟ ، ومن أين؟ ، لقد ظن أنه حتى الآن قد أخفى أمره تماماً ، وأنه تمكن من تجاوز شبكة ذكاء أمه وإخفاء ذلك السر المخيف ، وعندما توقف عن سماع الأفكار ظن أن هذا السر دفن للأبد!.
تبسم ووضع يده على فكه ، محاولاً قمع ذهوله ، وقال:

- لستِ قابلة للتوقع يا أمي .. لكنني أخبرتكِ بكل الأسرار ، لمَ لم تخبريني بأنكِ علمتِ؟.

- أهو سِريّ أم سِرك ؟.

-لكنك حقاً تفزعينني في كل مرة!.

فِينا!.Where stories live. Discover now