كان يحملها على ذراعيه ليدخلها لذلك المبني، و عينيه معلقة على اللافتة، تقرأ الاسم المزخرف الموضوع عليها "مركز العلاج الطبيعي"، ليدخل للردهة، يتتبع إرشادات شقيقته، بعد أن غادر المنزل مبكرًا ليوصلها قبل مجئ والده، فطلبات أميرته أوامر.
ليدلف للغرفة التى أشارت لها الممرضة، و مال ليضعها على السرير، ليسمع صوت أنثوي من خلفه يقول بقوة:
"إنتَ مين؟، و بتعمل إيه مع المريضة؟".
لتتابع بقوة مصطنعة:
"إتفضل إطلع برا و إلا هجيبلك الأمن يعرفوك إزاى تعتدي على مريضة و تستغل حالتها كدا".
لتتكور يديه و تتشكل على شكل قبضة قوية تستعد لتحطيم وجه تلك الطبيبة، فهى أيقظت وحشًا كان نائمًا، أو بمعنى أدق، كان يحاول الخلود، قبل أن ينفث نيرانًا تلتهم قلبه أكثر، فهى ضغطت على وتر حساس بقلبه، و كأنها تريه بأن شقيقته بينها و بين الضياع قيد أنملة بسبب عجزها الذي تسبب هو به، و أن أي نكبة ستتعرض لها شقيقته سيكون بسببه هو بالمقتم الأول الذي جعلها عاجزة غير قادرة عن الدفاع عن نفسها.
و كأنها قرأت أفكاره لتضع يديها على يده تسكن غضبه و هو لايزال منحي عليها، لتقول هى بلطف:
"متقلقيش يا دكتورة كريستين، دا أخويا، إزاى أخ يعتدي على أخته".
لتصمت تلك الطبيبة و تبتلع ريقها و قالت بتوتر و أشباح الماضي تتراقص حولها و بأذنيها تجتمع صرخات طفلة صغيرة:
"أنا أسفة مكنتش أعرف".
ليعتدل هو فاردًا طوله الذي ورثه من والده و هو يطالعها من أول منبت شعرها البني اللامع حتى أخمد قدميها المستترة خلف حذاء رياضي أنيق، ليشعر بإرتجاف قلبه بداخل صدره يهدر بقوة من طلتها التى سحرته، ليطالعها ببرود رغبة منه فى إسكات قلبه الذي رفض، فهو لأول مرة يشعر بوجوده بين جنبات صدره، و لكنه قال:
"و هو مش مفروض تسألي قبل ما تتكلمي، دا حتى ربنا عطى للإنسان ودنين و لسان علشان يسمع أكتر من إنه يتكلم".
لتنظر له بتعجب من فظاظته بالرغم من أنها إعتذرت، و لكنها لم تعرف أن فظاظته كانت سلاح يتوارى خلفه من حسنها الذي سحر قلبه و سلبه أنفاسه، لتقول هى بذهول:
"إنتَ إنسان فظ، أنا إعتذرت منك، لازمة كلامك السم دا إيه".
لتقول أليسا و هى ترى عزم ماثيو على الرد و إعطاء الصاع صاعين:
"خلاص يا كيري متزعليش هو بس....".
ليقاطعها ماثيو بصدمة مصطنعة:
"كيري مش معقول هو إنتِ البقرة الضاحكة؟، و أنا أقول الغباء دا كله منين!، خسارة مش معايا كاميرا علشان أسجل اللقاء الأسطوري دا".
أنت تقرأ
ندبات تظل للأبد (ترويض الماضي) الجزء الثاني من رواية أتلمس طيفك "مكتملة"
Romanceالحياة، و آه من تلك الحياة التى تعملك بطُرِقها القاسية مسببة لك جروح، و تتعدد تلك الجروح، منها التى تتعلم منها، و منها التى تُثْقِل معدنك، منها التى تُزين حياتك تذكرك بقوتك، منها التى تظهر واضحة على وجهك تذكرك بما مضى، منها من تدفنك أسفلها كاتمة على...