الفصل التاسع عشر: شفقة!، لا شكرًا!.

576 56 39
                                    

كانت تعود للخلف غير مصدقة ما يترآى لها أمام عينيها، ذلك الشخص الذي أحست ناحيته بتأنيب ضمير للتلاعب بمشاعره، كان هو من يتلاعب على أوتار مشاعرها النبيلة كدمية معلقة بحبال يمسك هو زمام الأمور، لدرجة أنها و لوهلة و لحظة صغيرة كانت ستختاره و تفضله على قلبها، كانت ستسلم لعقلها راية النصر، لينتهي الأمر الذي بدأ بالعقل، بمعرفة عقلها فداحة الحقيقة، إصطدمت بصدر عريض خلفها لتنظر للخلف بفزع و هى ترى توأمه الصغير يطالعها بصمت و يبدو أن الآخر سمع كل شئ.

نظر لها و قال بهدوء خافت:

"إطلعي على العربية".

و كأنها كانت إشارتها الخضراء للإنطلاق، لتترك العنان لقدميها و ترحل من أمام وجه يوسف بسرعة، أما هو فتوجه للداخل و هو يقول بمكر:

"أوه، دا القذارة كلها متجمعة هنا، أتمنى محدش فيكم يكون متضايق".

نظر عادل ليوسف عدوه منذ الصغر بعيون ثابتة واهية تخفي وراءها قلق إرتجت له كل عظامه، أما مؤمن كان ينظر إليه بصمت و قد إختفت معالم الذئب المفترس الذي إشمئز منها، ليقطع لحظة المفاجأة تلك تهكم عادل و قال:

"بغض النظر من المفاجأة إلا إنها وحشة".

ليقول يوسف بفرحة مصطنعة:

"سبحان الله دا كان رأيي برضو يا عادل، بس إنت اللي بدأت لعبتك دي فإضطرينا ننزل لمستواك مش أكتر، فمتلمناش لأن يا عزيزي الأحاسيس متبادلة، و ربنا يديم عدم القبول اللي بينا".

ليقول عادل بسخرية و مكر:

"و إنت بقى جاي تاخد حق أخوك، ليه هو لقدر الله حصل حاجة؟".

إحتدت عيني الآخر و لكنه قال بمكر:

"حق يزن التهامي هو بس اللي يجيبه، هو مش عاجز عن إنه يجيبه، بس للأسف الفريسة مش بتفهم تكتيك الصياد، ساعات بتفكر الخطوة اللي بياخدها ورا دي جبن و خوف، فبتقصر هى المسافة بغباءها و هى متعرفش إنها بتعجل بنهايتها غير لما تلاقي مخالب الصياد إنغرزت فى رقبتها".

ليقول بعدها و هو يطالع مؤمن الصامت:

"ولا إنت رأيك إيه يا مؤمن؟".

أما هو فظل على صمته، ليقول عادل بثبات واهي:

"مبقاش يفرق كدا كدا اللي عايزه كان بدليل إنك واقف قدامي و إن كنت فاكر إنك لما تتخلص مننا نحسكم هيزول، تبقى غلطان لأن فيه اللي أكبر مننا، و صدقني الحقيقة اللي مستخبية مش هتقدروا تقفوا قدامها، كان نفسي أعيش لحد ما أشوف وشكم قدامها و لكن يكفيني تخيلي بوشوشكم".

ما أن أنهى كلامه حتى إخترقت رصاصة خاطفة رأسه، تركتهم كلهم مصدومين، ليخرج مؤمن و يوسف بسرعة مهرولين للخارج، كانا ينظران لبعضهما البعض و حديث الأعين مستمر، تربية صغيرة خرجت من يوسف على كتف مؤمن، ليسمع الآخر يقول:

ندبات تظل للأبد (ترويض الماضي) الجزء الثاني من رواية أتلمس طيفك "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن