الفصل الثامن والثلاثين "استراحة محارب"

792 37 60
                                    

الفصل الثامن والثلاثين من رواية رُفات الهوىٰ.

أُقاتِل في ساحة المعركة وَحدِي
أنا الجيش نفسُه، وأنا السيف ذاته.

#رُفات_الهوى.
#شيماء_أسامة

______________________________

انتهى الحفل وآوى كل شخص لمخبئه و"سليم" يرى نظرات الجد المُصوبَة نحوه كأنه يعلم عن آخر حديث دار بينه وبين "شيماء"، انسحب لغرفته ثم استلقى على الفراش يُحدِق في سقف الغرفة بشرود، كلما أغمض عينيه تذكر نظرتها الأخيرة إليه، كانت تحمل جميع معاني الخذلان، تكبت دموع على وشك الانفجار، الآن عاتبه قلبه على حديثه السابق وقوله أن لا يرغب في وجودها، جرحًا سيزحف نحوه ببط شديد إلى أن يقضي عليه أو تسامحه فيُشفى، اعتدل في جلسته وزفر بضيق ليشعر ببدأ معركة بين قلبه وعقله، كأنهما شخصان يقفا أمامه يتشاجران بحدة وكل منهما يرغب في سيطرته على الآخر.

"عقل يرفض، قلب يريد، وأنا عالق في المنتصف،
يُرهقني كل شيء في الحياة، حتى مشاعري تُستنزف ولم يتبقى منها سوى رُفات".

مسح على وجهه بتعب ثم نظر أمامه في نقطة وهمية إذا يُخيل إليه وقوف شخصان يتشاجران وهما قلبه وعقله، كلًا منهما يريد فرض سيطرته على الآخر ظنًا أنه الأصح، بينما هو يشاهد في صمت مُشتَت بين ميله لقلبه بكل جوارحه ، وخوفه من تجاهل لصوت العقل فيصيبه أشد الندم، مُشاجرة عنيفة لن تنتهي إلا بهزيمة أحدهما، تحدث العقل أولًا مُؤيدًا بقسوة.

_على فكرة تصرفك في البداية صح، جاي تتراجع دلوقتي ليه؟
أنت عارف إن مفيش حاجة اسمها حب، كلها مصالح وهي نفسها قالتلك كده، بتفكر في إيه؟

فسر حديثها الماضي مثلما يروق له بينما على علم كامل أنه الآن مختلف تمامًا عن السابق، تأكد من نظرة عينيها التي حملت خذلان كبير منه وظهر هذا صراحة عندما فقدت عقلها ودفعته بغضب عنها وكأنها تريد ألمه لكن لا تستطع فعل أي شيء تجاهه ولو أذيته بكلمة، هدر قلبه بغضب.

_توجعها وتقول صح؟ أنتَ جبلة، مش عايزها قربت ليه من الأول؟
كان عندها حق لما قالتلك إنك اللي بيحركك ناحيتها فضولك بس، بس أنا حبيتها.

_بعد إذن مشاعرك اللي هتودينا في داهية، ضُخ دم وأنت ساكت لا تحب ولا تكره.

قبل أن تحتد المعركة بينهما صرخ بصوت عالٍ ووضع كلتا يديه على أذنيه، لا يريد سماع كلمة أخرى، كل شيء حوله صامت إلا صراعات عقله وقلبه، تشتد وتشتد حتى قاربت على هلاكه، تنفس بصعوبة ليجتاحه ضيق في صدره كفيل أن يقضي على ما تبقى منه، أنفاسه اللاهثة تحرقه، مسح على وجهه بعنف ثم تمتم بخفوت وإنهاك.

_ياحي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلِح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.

ارتدى ملابس السباحة ثم هبط لأسفل ليقرر السباحة في جو بارد ولكن لا يكترث للأمر فقط يريد أن يهدأ ضجيج عقله.

رُفات الهوىٰحيث تعيش القصص. اكتشف الآن