الفصل الثالث والستون: اعترافات وثلوج

565 48 26
                                    

الفصل الثالث والستون

- شهاب -

كنت احدّق بالسيجارة التي كانت تحترق بين أصابعي، كنت غائبا عن الدنيا لذلك لم انتبه لوجود حيدر أو متى أتى.

-"لماذا تشعل سيجارة ان كنت لن تدخنها؟" اتى صوته فنظرت له بصدمة ما جعل السيجارة تنزلق لتقع على الأرض.

نظرت لها وانتبهت الى انها كانت على وشك الانتهاء، أي ان حيدر اخرجني من غفلتي قبل ان تحرق أصابعي...

نظرت له مجددا ولمحت ملامحه الهادئة.

انه حيدر.

لكنه لم يعد حيدر.

-"انه مجرد شيء أقوم به مؤخرا يساعدني على الاسترخاء".

-"الاسترخاء أو الهروب؟" قال بهدوء وكأنه يستطيع قراءة شيء بداخلي.

ابتسمت بهدوء ولم اجب.

ماذا لو أخبرتك بأن شقيقك هو من فعل بي هذا؟

-"جهاد كان يبحث عنك" قال وتقطب حاجباي.

اجل، كنت منغمسا في عالم بعيد لدرجة انني لم انتبه لرسالته.

-"شكرا" قلت وهممت بالمغادرة، وانتبهت له يتبعني بهدوء بخطواته الواثقة.

لقد مر وقت طويل، لكن حضور حيدر وطاقته لم تتغير، شيء يشعرك بالأمان.

في نهاية الامر، انا لا أزال طفلا أمام حيدر.

حيدر قلب كل الموازين بالنسبة لي، لم أتوقع خروجه أمامي ذلك اليوم، يوم شعلت فتيل الحرب، بعدما خططت لكل شيء ودعست على قلبي لكي اترك كل شيء خلفي يخرج هو لي ليبعثر ذلك التوازن الذي خلقته.

-"هل التقينا من قبل؟" سأل فجأة فاستدرت له لأجده ينظر لي بجدية.

وصلنا أخيرا كنا ووقفنا عند باب غرفة جهاد.

بقيت صامتا لوهلة، لكنني قررت تحاشي أي عائق.

-"مالذي يجعلك تفكر بهذا؟" سألت ورأيت كيف ابتسم بطريقة جانبية.

-"أكثر من مرة يزلّ لسانك في نطق اسمي، بدل حرب تبدأ بـ 'حيـ' ثم تغير لحرب" قال ولم أظهر أي رد فعل.

-"تشبه كثيرا شخصا أعرفه" قلت ورأيت كيف هدأت ملامحه.

-"لتلك الدرجة؟" سأل بهدوء وهمهمت.

وطنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن