الفصل الرابع والأربعون
- ديهيا -
قبل أكثر من اثنتي عشرة سنة...
الثلوج كانت تغطي كل الجبال، لكن هذا لم يكن عائقا في طريقي، أعرف هذه التضاريس كما أعرف كف يدي، أنا ترعرعت في هذه الجبال.
الاشجار، الكهوف، حتى الحيوانات تعرفني هنا، أنا طفل ولد للطبيعة.
ما حدث لبيتنا منذ أيام لم يلحق أحد للسماع به بعد، أجل، قتل عائلة بأكملها في وسط الجبال أين لا يوجد شبكات كهرباء ولا ماء ولا هاتف أمر سهل جدا، رغم أن الحرب الأهلية انتهت الا أن التنظيمات الإرهابية لازالت تعمل خفية.
بين ليلة وضحاها وجدت نفسي يتيمة أركض وأنا أحمل طفلا على ظهري.
جدتي، أمي وأبي، عمي والخادم وزوجته وأطفاله، كلهم تم قتلهم بوحشية.
تمكنت من الهرب واختبأت في الكهوف، السكين التي أعطاني إياها أبي كانت السلاح الوحيد الذي أحمله، حتى الطعام لم اخذ، كنت اصطاد، أشعلت النار وطبخت اللحم مشويا لأطعم الطفل الصغير الحجم ذو الثمان سنوات، لم آبه للبرد ولا للتعب.
-"ديهيا"
-"ماذا؟"
-"أنا أشعر بالبرد"
نظرت له وهو بقرب النار، حتى الجاكيت الخفيف الذي كنت أرتديه ألبسته له.
تلك العيون الخضراء كانت تنظر لي بترجي جعلني أفكر بحل بسرعة.
-"ما رأيك ان تدخل تحت تيشرتي؟" قلت ورأيت كيف لمعت عيناه.
-"سأكون أقرب لك هكذا؟" قال بحماس وهمهمت.
أدخلته داخل تيشرتي وأخرج رأسه أمامي وابتسم لي، الاسنان الامامية غير موجودة ما جعلني ابتسم على شكله اللطيف.
استقمت وأمسكت بساقيه التي كانت حول خصري لأعدله.
-"هل سنجد مكانا دافئا فيه سرير؟" سأل وهو يخفي رأسه عند رقبتي.
-"سأعمل بجهد لنجد مخرجا" قلت وسمعت همهمته.
أمسكت القبعة الصوفية ووضعتها على رأسه، وخرجنا من الكهف.
نظرت حولي وانتبهت لدخان بعيد.
ربما مكان الثكنة، ان أسرعت لربما نصل مع الفجر.
أنت تقرأ
وطن
Espiritualعندما تترك كل شيء وراءك، وتبيع روحك لاغلى ما في الوجود، وتكرس حياتك له ومماتك فداء له، عندما تعرف اخيراً ان اهم شيء لم يكن شخصا أو عائلة أو مالا بل وطن تحميه ليحمي لك من ضحيت لأجلهم.