لطالما كانت عائلتنا حديثاً ممتعاً لأهل قريتنا الصغيرة، ولطالما أخبرني الجميع أن أمي تعرفت على زوجها الثاني بسببي.
كنتُ أسمع بعض الشائعات من النساء والرجال الذين يقضون الوقت المتبقي من حياتهم في الحديث عن الآخرين، أمي كانت معلمة لغةٍ إنكليزية وجاء أندرياس أنطونيوس كمشرفٍ من المدينة، وخلال أشهر أصبحا أصدقاء، ولكني كنتُ مدركاً أن هذا ليس حقيقياً.
أمي لم تكن امرأةً حسنة السمعة ولا سيما بعد وفاة والدي، كانت تحب السهر خارج المنزل، والخروج مع أي شخص لتمضية الوقت، تهمل المنزل كثيراً، ولم تكن مستقرةً عاطفياً أو نفسياً أبداً، ولكنها أيضاً امرأةٌ صعبة المراس، وتعامل الأشخاص بتكبرٍ بعض الأحيان.
ولكني كنتُ متأكداً من شيءٍ واحد، كانت مغرمةً بذللك الرجل حقاً! لقد كان أول رجلٍ تتعرف عليه بعد أن ترملت لسنوات، في بعض المرات سمعتُها تهمس باسمه أثناء نومها، ثم تخرج في الصباح لتعلم اللغة الإنكليزية للمراهقين في المدرسة كأي امرأةٍ صالحةٍ عادية.
هذا التناقض في شخصيتها، وبين مهنتها وسمعتها السيئة كان يسبب التوتر لي، وربما لهذا السبب لم تكن تزعجني ظنون أهل القرية في أنني وسيلة التقرب بينهما.
كان ذلك منذ ثمان سنوات حين كنتُ في العشرين من عمري، شابٌ فاشلٌ دراسياً لم ينل الشهادة الثانوية حتى الآن ويرفض الزواج، أمه كانت تريده أن يكون شاباً متعلماً، ولكنه كان يملك شغفه، واختلفا كثيراً.
في تلك الليلة الممطرة عادت إلى المنزل بثيابٍ مبتلة تحت معطفها السميك، هرعتُ لها بمنشفة ولكنها أشارت أن معها ضيفاً على الباب.
تعرفتُ على أندرياس في ذلك اليوم، حاول أن يقنعني لأستمر بالدراسة، واستمرت المحادثة بيننا لأكثر من ثلاث ساعات دون أن نصل إلى نتيجة، كنتُ أعلم أنني لن أنجح أبداً مهما حاولتُ أن أدرس، وأردتُ أن أستمر بالنحت على الأخشاب طوال حياتي.
كانت تلك الحجة التي تجاوز بها أندرياس عتبة باب منزلنا لأول مرة، كنتُ أواصل السهر حين يكون أندياس في منزلنا، ولا أتركهما لوحدهما أبداً، وبعد شهرين بالضبط أخبرتني أمي برغبتها بالزواج.
حينها قررتُ ألا أتدخل بها مجدداً لأنني لم أعد مسؤولاً عنها، وحتى على الرغم من مرور ثمانية سنواتٍ على هذه الحادثة، ولكني مازلتُ أفكر حتى الآن إن كانت موافقتي على زواجها قراراً صحيحاً.
لأكون صادقاً.. هي لم تطلب رأيي أصلاً، ولكني لم أعترض مطلقاً على قرارها، المشكلة الوحيدة أنني لا أثق بها ولا بقراراتها، وبعد ثمان سنواتٍ كاملة من العيش مع أندرياس في منزلٍ واحد لم أكن أثق به أبداً.
لم أتشاجر مع أندرياس ولا لمرةٍ واحدة، ولكني لم أستطع أن أثق به، لأنني لم أعرف أين التقيا مطلقاً.. ولطالما فكرتُ أن قصة مشرف اللغة الإنكليزية حجةٌ كاذبة وأنها كانت تتصرف بطريقتها الطائشة وقابلته بطريقةٍ ما.
أنت تقرأ
City of gamblers | مدينة المقامرين
Mystery / Thrillerالحياة مقامرة! حتى تعيشها عليكَ أن تضع على طاولة الرهان أشياء كبيرة، ثم تلعب بحذر. عليك أن تتوقع الخسارة، ومن الصعب أن تفوز! قد ترمي رهاناً أكبر من قدرة تحملك، وحين تخسره ستفكر أنه ليس بوسعكَ المتابعة، ولكنكَ تعود لتتابع، لأن الأمر مثل الإدمان. نحن...