28 |مريض نفسي مضطرب|

584 90 22
                                    

أردتُ أن أعمل فقط لأنني أعلم أنني لو غادرتُ الكوخ الذي أنشأتُه في الحديقة فسأشغل نفسي بألف شيءٍ لا يجب علي التفكير بها، لم أرد أن أغادر أبداً لأنني متوترٌ من نظرات الكثير من الحراس لي بعد أن عرفوا أني ابن زوجة أندرياس ومن توتر علاقتي مع بعض أفراد العائلة بعد عودته.

لو أنني غادرتُ فسأحاول أن أنبش في ماضي ميلانير مثلما نبشتُ في حياة أندرياس، ولدخلتُ غرفتي التوأم وجلستُ بها أحدق بالأثاث المتناظر حتى ينهكني ذلك، ولحاولتُ فعل أي شيء حتى أساعد أندرياس ليحل محل روس.

الطريقة التي تسير بها الأمور كانت تزعجني لأنني لم أكن أشبه هذا، لقد اعتدتُ طوال حياتي على الوقوف بجانب الآخرين طالما استطعتُ ذلك، لم أفكر أبداً بإيذاء أحد، هذه المرة الأولى في حياتي لأجتمع مع مجموعة من الأشخاص نبحث عن عثرة شخصٍ واحد حتى نخرب عليه حياته، ولكن التفسير الذي قاله أندرياس كان منطقياً، وما رأيتُه كافٍ لأصدقه تماماً.. روس نسي أنهم عائلة، لو استمر على هذا المنوال فسيفكك كل الروابط بينهم.. أو ما بقي منها على الأقل.

لذلك يجب أن يكون هناك بديلٌ عنه، وهذا البديل هو أندرياس الذي كان مختفياً منذ ثمانية سنوات، ولكنه يعرف كل شيء لأنه ابتز ميلانير حتى يخبره.

هذه المتاهة التي كنا واقعين بها جعلتني ضائعاً، الحل الأمثل كان إلهاء نفسي بالعمل، أذكر نفسي مراراً وتكراراً أنني مازلتُ بعيداً عن عائلة أنطونيوس، ولن أسمح لمشاكلهم أن تخرب علي حياتي، ولكن الأمر يحصل في نهاية المطاف، حتى أنا لم أعد نفس الشخص الذي اعتدتُ أن أكونه.

أردت أن أتصرف بطريقة أفضل، لطالما تمنيتُ استغلال كل لحظة لصناعة ذكرياتٍ تستحق أن تذكر، لذلك لم يكن يجب أن أمرر البارحة بهذه الطريقة الغبية، كان يجب علي اصطحاب توانا في موعد، لتقطع كعكةً كبيرة، وأقدم لها هديتي بطريقةٍ لائقة، ولكن أندرياس طلب اجتماعنا البارحة جميعاً ومن الصعب حسب مواعيدهم المعقدة تأجيل أي اجتماع.

لم أكن أريدها أن تخوض هذا النوع من المحادثات في يومٍ أردتُ جعله مميزاً، لم أكن أريدها أن تحزن أو تبكي، ولكنها بكت.. لم تفعل ذلك أمام أيٍ منا، ولكني شعرتُ بذلك.

أهملتُ رغبتي بالاهتمام بتوانا، وأهملتُ أماليا الصغيرة لفترةٍ طويلة حين لم أستوعب أنها في المدينة حتى.

اتفقنا أنا وأندرياس مع توانا حتى تصطحب أماليا اليوم لمكانٍ ما، كادت الصغيرة تختنق من مشاهدة التلفاز لساعاتٍ طوال اليوم في غرفة مستشفى للشخصيات المهمة، سجلتُ اسمها على مكانٍ قريبٍ يقيم العديد من النشاطات واتفقنا أن نأخذها عليه طالما نحن في المدينة، بهذه الطريقة سأطمئن عليها معظم الوقت، وسأتأكد أنها لا تضيع هذا العدد الهائل من الساعات بغياب رقابة ثلاثتنا عليها، كما سأتأكد أنها لن تبقى لوقتٍ طويل تنظر لأمها وهي غير قادرةٍ على الحركة دون مساعدة أحد.

City of gamblers | مدينة المقامرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن