29 |انحدار|

547 99 31
                                    

ساءت حالة أمي كثيراً! أصيبت بانهيار في الكبد، وحالة قلبها تدهورت أكثر، وحدثت تأثيراتٌ جانبية من الأدوية والمكوث الطويل في المستشفى.

مع حلول اليوم الأول من الشهر الخامس من مكوثي في المدينة أغمضت أمي عينيها ودخلت في سبات وأحيط جسدها بالأجهزة، صارت زيارتها في مواعيد محددة، وعلي ارتداء ملابس خاصة لرؤيتها، ولا يُسمح لي بلمسها أو احتضانها.

في نقطةٍ ما.. شعرتُ أنني أقف على حافة جرف، وكل شيء حولي يدفعني للانهيار، كان علي أن أنهي عملي الذي تأخرتُ عنه كثيراً، كان علي أن أعتني بأماليا، وأن أجد مكاناً لأقيم به معها لأنني وافقتُ على اقتراح أندرياس مؤقتاً بأن أجلبها للقصر، كنتُ أراقب تصرفاتها وتصرفات العائلة نحوها ولا سيما روس، كما كنتُ حذراً من أن يؤذيها شخصٌ ما من الخادمات أو الحراس ولو بنظراتهم، كنتُ قلقاً من أن تشعر بعدم الراحة أو فقدان الأمان، أو تحس أن حالة أمها الصحية سيئة للغاية، كنتُ خائفاً على أمي، أريد أن أقضي معها أطول وقتٍ ممكن، ومازلتُ أراقب حياة أندرياس الذي استمر بجمعنا مرةً كل أسبوع لرؤية التطورات التي وصلوا إليها.

لم أكن مركزاً، كنتُ أجلس مع أندرياس أو توانا ولكن عقلي في مكانٍ بعيدٍ جداً، أحاول السيطرة على الأمور، لم أكن أسمح لأفكاري بالسيطرة علي، لأنني أعلم تماماً أن هذه الأفكار ستكون الدفعات الأقوى التي سترميني نحو الجرف، وفي هذه الفترة كان السقوط آخر خيارٍ يمكنني أخذه.

لم أستطع أن أنهار، لأنني لا أملك هذه الرفاهية، عليَّ أن أكون قوياً لأجل أماليا، وعليَّ أن أكون قوياً لأجل الأسوأ لأن أمي لن تعيش طويلاً على الأغلب.

أماليا عاشت كل حياتها بدون والدها، كان أندرياس يعوضها كثيراً وكنتُ أدللها أو أكون صارماً معها لآخذ هذا الدور ولو قليلاً، لم يكن لأمي تأثيرٌ كبيرٌ على حياتها، لقد أهملتنا كثيراً، ولكني مازلتُ لا أريد أن تكبر أماليا بدون أم، هذه الفكرة مؤلمةٌ بشدة وأفقد القدرة على استيعابها.

لو أن أمي رحلت الآن، سنكون وحيدين تماماً، بلا أم ولا أب ولا عائلة نستند عليها سوى أحدنا الآخر، على الأرجح ستنقطع علاقتنا مع أندرياس لأنه لم يعد بحاجة للهرب وها هو يعود ليستلم زمام عائلته وأعمالهم، وحتى ذلك الوقت لا يسعني سوى أن أفكر بأسوأ الاحتمالات، ومحاولة إنهاء عملي لأنني بحاجةٍ لأكبر قدرٍ ممكن من المال.

كنتُ في تقدمٍ واضحٍ بالعمل، حين تدخل للكوخ ستجد العديد من الخزانات المقفولة والموضوعة بأماكنها، والأرفف العديدة مغطاة بزجاجٍ قوي ليعرض ما أرادته العائلة، وحتى المنحوتات التي طلبتها العائلة كانت تنتهي معي بسرعة، لأنني كنتُ مضغوطاً كثيراً من الداخل فقد استطعت أن أفرغ كل ذلك الضغط على شكل عمل، وهذه النقطة الجيدة الوحيدة في حياتي حالياً.

City of gamblers | مدينة المقامرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن