استقررنا في المنزل أنا وأماليا، وجاء أندرياس لزيارتنا والنوم عندنا مراتٍ كثيرة، ربما أكثر من بقائه في منزل عائلته، جهزتُ ورشتي بالكامل وبدأتُ أقوم بأعمال بسيطة، ثم انشغلتُ سريعاً لأن السيد بوريدروس كان يرشد أصدقاءه الأغنياء للعمل معي، وبذلك توقفتُ عن معظم أعمالي في النجارة العادية وانشغلتُ معظم الوقت بالنحت على الخشب.
كانت يدي العبقرية - كما سماها أندرياس - تقوم بعملٍ يكفي لمعيشتنا أنا وأماليا، وبعد مرور أربعة أشهر كان بوسعي أن أبدأ بالتفكير بتطوير عملي أكثر حتى أتحضر لزواجي، كنتُ أنوي التحدث مع توانا حول الموضوع في أقرب وقتٍ ممكن، ولم يكن ثمة حاجزٌ يمنعنا من ذلك.
لم أقل لها «أنا أحبك» ولم تفعل أيضاً، ولكن كلانا كان يعرف ذلك، لقد تجاوزنا مرحلة الكلمات، والمواقف التي جمعتنا عوضت عن كل شيء، كنا مستقرين كثيراً، نلتقي كل أسبوع ثلاثة مراتٍ تقريباً في مكتبة عائلة أنطونيوس، وتزور منزلنا مرتين لأجل أماليا، وأحيانا كنا نخرج معاً بنزهة.
لم أحتج أن اطلب منها البقاء معي، أو أن تكون جزءاً من عائلتي، حصل ذلك بالفعل، وما سيحصل لاحقاً من التقدم بالزواج وغيره ليس سوى خطواتٍ أجلها كلانا حتى تستقر أموري تماماً.
أنا مختلفٌ عنها كثيراً، ليس بوسعي قول كلمةٍ من اللغات الأربعة التي تتقنها، ولستُ قادراً على الكتابة مثل الكتَّاب الذين يملؤون حياتنا، أنا لست شاعراً، ولستُ قريباً من كتابة سطرٍ واحدٍ حتى، بوسعي ان أقول أحبكِ بلغةٍ واحدة، ومازالت تبدو بالنسبة لي أصدق حرفٍ نطقه فمي، متجاوزاً عقلي يقفز بنبضةٍ واحدة من القلب إلى الشفاه، ليس بوسعي أن أغير نفسي لأكون كاتباً، فلستُ أجيد الكتابة، ويبدو وصف مشاعري لها معقداً جداً، ولكني أستطيع أن أقول لها أن عينيها وضحكاتها وكلماتها تملأ روحي وقلبي، لستُ متحدثاً لبقاً كعائلة النبلاء التي تحيط بنا، وإنما ما أفعله، وأقوله، وأتصرفه، كلها أشياء حقيقية للغاية بالنسبة لي.
اعتدتُ طوال الستة أشهر الماضية على الذهاب لمنزل أنطونيوس ثلاث مرات بالأسبوع، أجلس في المكتبة وأترك أماليا مع جاي وسباستيان، كانت إيليشيا تعلمها بعضاً مما يتعلمه أبناء عائلة أنطونيوس مثل فنون الدفاع عن النفس أو السباحة أو سرعة الجري أو تدريب الذاكرة، وقد تعاهدنا أن لا تحاول إدخالها أبداً في عالم عائلتهم، سأكون سعيداً لو كبرت أختي قوية وذكية، ولكني لا أريدها بالطبع أن تعيش مثلهم، هم أشخاصٌ جيدون يريدون إنقاذ العالم وأنا أقدر ذلك، ولكني أردتُ السلام لها وحسب، ولن تلومني.. ستدرك مع الوقت أن هناك عشرات الطرق لإنقاذ العالم، وأن عائلة أنطونيوس قدر لها أن تمارس الطريقة الأصعب دونما شك.
توقفت سيارة ميلانير أمام قصر العائلة، وقبل أن يركنها نزلت أماليا تركض نحو الداخل لينظر ميلانير نحوي باستغراب «لم كل هذا الحماس؟»
أنت تقرأ
City of gamblers | مدينة المقامرين
Mystère / Thrillerالحياة مقامرة! حتى تعيشها عليكَ أن تضع على طاولة الرهان أشياء كبيرة، ثم تلعب بحذر. عليك أن تتوقع الخسارة، ومن الصعب أن تفوز! قد ترمي رهاناً أكبر من قدرة تحملك، وحين تخسره ستفكر أنه ليس بوسعكَ المتابعة، ولكنكَ تعود لتتابع، لأن الأمر مثل الإدمان. نحن...