لم أتخيل أنني سأشهد يوماً بحياتي حيث تعم الفوضى قصر أنطونيوس بهذه الطريقة!!
كل الخدم كانوا يعملون بلا توقف مثل خلية نحلٍ، عدد الحراس حول القصر وبداخله كان أضعاف العدد الذي أراه بالعادة، وفهمتُ أن بعض العائلات القادمة أرسلتهم لزيادة الأمان، من المذهل أن أعرف أن هناك عوائل أخرى مثل عائلة أنطونيوس.
دعانا أندرياس جميعاً للقدوم، ولكنني أصريتُ ألا أجلب أماليا، لم أردها أن تلتقي بأحد أبناء وبنات هؤلاء العائلات ويتقربوا منها، صرتُ متحكماً بسبب الخوف عليها، وكان أندرياس يرخي الحبال في كل مرةٍ أفقد بها السيطرة على بتصرفاتي.
وصلتُ إلى القصر في وقتٍ مبكرٍ من الصباح لمساعدتهم بعد أن أمنتُ أماليا عند والدة توانا، أرادني أندرياس أن آتي مبكراً لأن الأيدي العاملة كانت قليلة وقال أنه لا يثق بعمال القصر لينجزوا كل شيء.
في البداية استوقفني الحراس الجدد على الباب ثم سُمح لي بالدخول، ووكلني أندرياس بالإشراف على تنسيق القاعة ومكان الأطعمة والمشروبات، أمرٌ لم أتوقع أن أقوم به في حياتي، ولكني استطعتُ فعله بشكلٍ جيد فقد كنتُ منظماً كثيراً بطبيعتي.
بعد الظهيرة أخبرني ميلانير أنه سيذهب للمدينة ليشتري بعض المستلزمات وسيجلب توانا على طريقه، وسألني مجدداً إن كنتُ متأكداً من عدم جلبي لأماليا إلى هنا لتستمع.
بقيتُ وحدي بعد أن أنهى العمال معظم ما طلبتُه منهم، رميتُ بجسدي على الدرج بجانب الباب الخلفي للمنزل أنظر للحديقة الخلفية وفي يدي سيجارةٌ مطفأة، كانت عادة عائلة أنطونيوس بلا استثناء أن يدخنوا حين يشعروا بالتعب أو بأي نوعٍ من أنواع الضغط النفسي، بعضهم اكتسب ذلك من عملهم مع العصابات ونقلوها لبعضهم البعض، مثل إيريس التي كانت تعمل من المنزل ولكنها تفعل الأمر نفسه.
السيجارة كانت في يدي، والولاعة لم تغادر جيبي بعد، حدقتُ بقطعة السموم الملفوفة في ورقةٍ بيضاء وتساءلتُ إن كان عليَّ أن أشعلها حقاً، لقد اشتريتُ العلبة منذ أيام ولم أدخن ولا لمرة، ولكن اليوم أشعر أنني أريد فعل ذلك، ربما لرغبةٍ حمقاء بأن أبدو مندمجاً بالأجواء الجديدة عليَّ كلياً.
سُحبت اللفافة من بين يدي، حين رفعتُ نظري المركز على الأرضية وجدتُ أندرياس يضعها في فمه ويشعلها، وعلى الفور نفث دخانها في الهواء ممراً يده في خصلات شعره التي بدأ الشيب يغزوها أسرع من ذي قبل بعد وفاة أمي.
حدقتُ به بصمت، لم أسأله عن سبب تصرفاته، ولكني سألتُ نفسي إن كان هذا الشخص دائماً هكذا!
يبدو أكبر بكثير، لم يكن أندرياس الذي يلاعب أماليا أو الرجل الأحمق الذي ساعدني على تنظيف المنزل بعد أن صنعنا مكتبةً لنضعها في الصالة ونملأها بكتبنا، كان رجلاً مختلفاً.. يبدو كقائد عصابةٍ حقاً، وكرجلٍ آلمته الحياة كثيراً.. أندرياس الذي لم أعرفه أبداً حتى الأشهر القليلة الماضية.
أنت تقرأ
City of gamblers | مدينة المقامرين
Mystery / Thrillerالحياة مقامرة! حتى تعيشها عليكَ أن تضع على طاولة الرهان أشياء كبيرة، ثم تلعب بحذر. عليك أن تتوقع الخسارة، ومن الصعب أن تفوز! قد ترمي رهاناً أكبر من قدرة تحملك، وحين تخسره ستفكر أنه ليس بوسعكَ المتابعة، ولكنكَ تعود لتتابع، لأن الأمر مثل الإدمان. نحن...