في اليوم التالي شاركتُ العائلة طعامها على مائدة الإفطار، لم يكن ميلانير حاضراً وحين سألتُ عنه أخبروني أنه غادر من الصباح.
تعابير وجه روس كانت اعتياديةً بطريقةٍ مرعبة، ليس وكأنه كان يضع مسدسا على رأس ابن أخيه منذ أقل من اثنتي عشرة ساعة، وتصرفاته التي لم تتغير ولو قيد أنملة جعلتني مرتعباً من فكرة أنه يفعل ذلك كثيراً، وأن الأمر اعتياديٌ كثيراً له.
طوال الأسبوع التالي انشغلتُ بالعمل تماماً، كنتُ أعلم أنني في المرحلة الأصعب، وأنني حالما أنتهي منها بعد شهر فسيكون لي الوقت لأسأل وأتطفل وأبحث وأتحدث مع العاملين والخادمات الثرثارات لأعرف كل ما أريد معرفته، وأردتُ وقتاً أيضاً لأتجول في المدينة أكثر فلم أخرج من المنزل سوى أربع مرات، كما أردتُ وقتاً طويلاً جداً لرؤية المكتبة مجدداً وقراءة الكتب التي كنتُ أبحث عنها.
رغم أني سألت ميلانير إن كانت كل الأمور بخير معه ولكنه لم يقل شيئاً، بقي مزاجه المعكر ملازماً له طوال الأسبوع التالي، لم ينظر لعيني روس في كل مرة اجتمعوا بها على الغداء، ولكنه بدا أفضل حالاً بكثير من اليوم الأول.
بعد مرور أسبوعين آخرين كنتُ أنهي رفع ثالث جدار بالكوخ الخشبي حين رأيتُ ميلانير يدخل من البوابة الكبيرة، لوح لي ثم مشى ناحيتي يرفع كيساً كان يحمله في يده وقال «اشتريتُ بعض الحلويات في طريق عودتي، لنتشارك.»
«لم أعلم أنكَ تحب الحلويات.» قلتُ ساخراً بينما مازلتُ أعمل، وميلانير كان اليوم بمزاجٍ أفضل من كل الأسابيع الماضية.
«صديقٌ من الجامعة افتتح متجره اليوم، لم أستطع الخروج دون أن أشتري شيئاً، وقررتُ جلبهم لصغار العائلة.» قال مشيرا لأبناء عمته الذين يلعبون الكرة في الجانب الآخر من الحديقة ثم أشار للقصر وتابع «سأدخل لأرتاح، سأترك لك البعض أيضاً.»
لوحتُ له وابتسم مغادراً، مازال معكراً قليلاً، ولكنه بدأ يعود لطبيعته وأخمن أن الأمور التي خربها كما قال عمه روس قد عادت لنصابها.
شعرتُ باهتزاز هاتفي في جيبي، حين فتحتُه وجدتُ رسالةً من أندرياس، أرسل لي صورة أماليا، ومعها صورة لهانا، بدا وكأنها تتحدث مع شخصٍ ما ولم تكن منتبهةً للكاميرا، وتحتها كتب لي رسالة.
من أندرياس أنطونيوس [لستُ معتاداً على التقاط صورٍ للناس خلسة، ولكني فعلتُ ذلك مع هانا لأجلك، آمل أن يكون هذا محفزاً لكَ لتعمل أكثر.]
كان تصرفاً غريباً وغير متوقع، ولكنه كان النوع من التصرفات التي يقوم بها أندرياس، تأملتُ الصورة بابتسامةٍ واسعة، وشعرتُ أنها تعيد لي بعض الحياة.
حين انتهيتُ من عملي في الخامسة مساءً عدتُ لغرفتي ووجدتُ على الطاولة صحناً فيه عدة كعكات مختلفة النكهات، وضع معهم شوكة وكأس عصير وورقة ملاحظات صغيرة «عملتَ جيداً» كانت ألطف شيءٍ حصلتُ عليه هذه الفترة بعد صور ورسائل أماليا الصوتية.
أنت تقرأ
City of gamblers | مدينة المقامرين
Mystère / Thrillerالحياة مقامرة! حتى تعيشها عليكَ أن تضع على طاولة الرهان أشياء كبيرة، ثم تلعب بحذر. عليك أن تتوقع الخسارة، ومن الصعب أن تفوز! قد ترمي رهاناً أكبر من قدرة تحملك، وحين تخسره ستفكر أنه ليس بوسعكَ المتابعة، ولكنكَ تعود لتتابع، لأن الأمر مثل الإدمان. نحن...