تشبثتُ بيد أمي، وبقيتُ ممسكاً بها لأكثر من ساعةٍ دون أن أنبس ببنت شفة، لم أستطع أن أفعل أي شيء، كنتُ عاجزاً أمام تعبها الشديد، والطبيب أخبرنا أن حالتها سيئة وأنه سيستمر بالمزيد من الفحوصات.
على الجانب الآخر لم أعرف طريقةً للتعامل مع أماليا، عانقتني وبكت لأنها خائفةٌ على أمها كثيراً، ولكنها كانت تضحك لأنها اشتاقت لي وتبكي لأنها لم ترني منذ وقتٍ طويل.
جلس أندرياس على الأريكة بصمتٍ مطبق، عاقداً كفيه مع بعضهما البعض يحدق بالسماء الزرقاء من النافذة ولا يقول أي شيء، حين أمسكتُ بيد أمي وناديتُها لثلاث مرات دون أن ترد علي أصابني شيءٌ من الفزع، أخبرني أندرياس أن ألتزم الصمت والهدوء وأتركها لترتاح، وكانت تلك الجملة الوحيدة التي قالها لي.
أماليا حملت هاتفي لتلعب به قليلاً واستلقت على الأريكة أيضاً واضعةً رأسها على قدمي أندرياس، بينما بقيت عيني أمي مغلقة واستجابتها محدودة بسبب تأثير الدواء على حد قوله.
محادثتي أنا وأندرياس لم تسر على ما يرام كثيراً، ولكنه في النهاية كان ينوي أن يخبرني كل شيء، لم يطلب رأيي بأعمال عائلته، ولا بحياته أو الطريقة التي عاش بها، ولم يطلب تعزيتي على فقدانه لشقيقه.
الشيء الوحيد الذي قاله أنه سيعود بعد عدة أيام في يوم خروج ميلانير من المستشفى، وطلب مني أن أخبر توانا بذلك، تاركاً لي مهمةً صعبةً للغاية.
بعد لحظات رن هاتفه برسالة، قرأها ثم نهض واضعاً وسادةً تحت رأس أماليا التي استمرت باللعب واقترب مني هامساً «سيأتي ميشيل لفحص أمك، سآخذ أماليا للخارج.»
«ميشيل؟»
«إنه الشخص الوحيد الذي يعرف بوجودي هنا غيرك.»
أدركتُ كيف تجرأ أندرياس على جلب زوجته إلى هنا بينما يعمل اثنين من أبناء أشقائه، ابتسم مواسياً لي ثم اقترب من أماليا وقال «لننزل أنا وأنتِ للأسفل، سأشتري لكِ ما تريدين على الإفطار.»
نقلت نظرها بيننا ثم سألت «ألن يأتي إدوارد معنا؟»
«لا.. إدوارد قد تناول إفطاره، لذا بقي أنتِ، عليكِ أن تملئي معدتكِ حتى تظلي قوية ولطيفة وجميلة، هيا بنا..»
تحمست على الفور بسبب طريقته الهادئة بالتحدث معها بينما يدغدغها بمعدتها وركضت نحوي لتعانقني، أعطتني هاتفي، ثم قبلتني على خدي واحدةً من قبل أماليا الرطبة اللطيفة، وركضت مجدداً لمنتصف الغرفة لتمسك يد أندرياس الذي ضحك وقادها للخارج.
استغللتُ خلو الغرفة وأطلقتُ تنهيدةً طويلة، شعرتُ أنني أحبس هذه الأنفاس في صدري منذ قال لي أندرياس كل شيء، أشعر وكأن ثقلاً كبيراً ألقي علي بمعرفتي لكل الحقائق التي أردتُ معرفتها، لقد أردتُ أن أعرف كل شيء، ولكن لأن هذه الأشياء كانت قاسيةً جداً، فأشعر بندمٍ غير مبرر لمعرفتها.
أنت تقرأ
City of gamblers | مدينة المقامرين
Misterio / Suspensoالحياة مقامرة! حتى تعيشها عليكَ أن تضع على طاولة الرهان أشياء كبيرة، ثم تلعب بحذر. عليك أن تتوقع الخسارة، ومن الصعب أن تفوز! قد ترمي رهاناً أكبر من قدرة تحملك، وحين تخسره ستفكر أنه ليس بوسعكَ المتابعة، ولكنكَ تعود لتتابع، لأن الأمر مثل الإدمان. نحن...