سبقني أندرياس بالوصول إلى المكان، وجدتُ سيارته مركونةً بجانب الباب الخارجي، وتجاوزتُ المدخل بدون أي تركيزٍ على أي شيءٍ سوى البحث عن طاولته، أمسك الصورة بيدي ولا أعرف ما التعابير التي يجب أن تكون على وجهي، ولكن في صدري كانت مشاعر متضاربةٌ كثيراً، ورأسي ممتلئٌ بالأسئلة.
جلستُ مقابلاً له، وقبل أن يتسنى لي أن أقول «مرحباً» وجدتُ نادلةً شابةً أمامي تضع فنجاني قهوة على الطاولة بيننا وتبتسم لأندرياس ثم تغادر، أشار لفنجاني وقال «عرفتُ أنكَ ستصل بهذا الوقت، وبالمناسبة.. أمكَ لا تغار في هذه المواقف بالعادة.»
«لم أسألكَ حتى، لم اخترتَ هذا المكان؟»
«أتعلم، لو رأتني توانا ستكون سعيدة.»
«ستصاب بنوبةٍ قلبيةٍ على الأرجح.»
«أو سيغمى عليها من الصدمة.» ابتسامته الساخرة جعلتني أتنهد، أمسكتُ فنجان القهوة الموضوع على الطاولة وتذوقتُه، أعتقد أن الطعم المر المصنوع جيداً كان أفضل شيء حصل معي اليوم.
«أعتقد أنكَ الشخص الذي سيغمى عليه من الصدمة.» أضاف أندرياس بهدوء، وعينيه كانت تنظر مباشرةً نحو الصورة في يدي.
«الغرفتان والملابس والسيارات والملفات والمفكرات كلها لم تكن لشخصٍ واحد!» قلتُ وأنا أغمض عينيَّ بألم، أفكر لا إرادياً بكل الأمور التي عاشها أندرياس في حياته، وتبدو كل الأفكار مشوشة وغير مرتبة بالنسبة لي.
«حياتي بأكملها لم تكن لشخصٍ واحد.»
«لماذا؟» سألتُه بحرقة ووضعتُ الصورة على الطاولة، حيث يظهر أندرياس، أصغر ببضعة سنوات، وبجانبه شاب آخر، يحمل نفس ملامح الوجه، مرسومةٌ بالضبط مثله تماماً، حتى أنني لم أعرف في الحقيقة أيهما أندرياس.
أمسك أندرياس الصورة، حدق بها طويلاً، ورأيتُ عينيه الساخرتين للمرة الأولى تغوصان في الحزن العميق!
«هذه الصورة الوحيدة التي التقطتُها معه.»
«لقد ظننتُ في البداية أن أندريه كان مجرد شخصيةً أخرى لك! ولكن الأمر مختلفٌ تماماً.»
«أنتَ مخطئ إدوارد، أنا لا أعاني من انفصام الشخصية أو أي شيءٍ آخر، كل ذلك كان ذنب أبي والعائلة والعمل وكل الهراء الآخر.»
«لماذا؟ فقط أخبرني بالسبب.»
سألتُه مجدداً، الصورة على الطاولة تبادلني التحديق، كلانا مشبعٌ بالذكريات والأفكار المؤلمة وينظر للآخر بنفس الطريقة التي تحمل الكثير من الكلمات!
«بسبب عمل عائلتنا، غالباً ما نُرسل إلى أماكن مختلفة ونقوم بمهماتٍ مختلفة، على الأرجح ننسل وسط عصاباتٍ خطيرة وندعي أننا منها، وقد قامت عائلتنا بهذا الأمر منذ أجيال.»
أنت تقرأ
City of gamblers | مدينة المقامرين
Bí ẩn / Giật gânالحياة مقامرة! حتى تعيشها عليكَ أن تضع على طاولة الرهان أشياء كبيرة، ثم تلعب بحذر. عليك أن تتوقع الخسارة، ومن الصعب أن تفوز! قد ترمي رهاناً أكبر من قدرة تحملك، وحين تخسره ستفكر أنه ليس بوسعكَ المتابعة، ولكنكَ تعود لتتابع، لأن الأمر مثل الإدمان. نحن...