17 |عائلةٌ وحيدة|

567 100 18
                                    

صباح اليوم التالي قررتُ أن أنزل لتناول الإفطار، رغم أنني كنتُ أتخلف عنه طوال الأسابيع الماضية، ولكني قدرتُ أن الضيوف سيشاركون بالإفطار حتماً، وأردتُ أن أرى سبب هذه الفوضى في القصر.

حين دخلتُ كانت الخادمات قد انتهين من وضع الأطباق الكثيرة على الطاولة، أشار لي ميلانير لأجلس بجانبه في مكانٍ مختلف أبعد عن المكان الذي نجلس فيه عادةً، ورأيتُ إيليشيا تخبر طفليها بأن يتحلوا الهدوء ولا يثيروا الضجيج، أنا حرفياً لم أرَ طفلين بهدوئهما، هل تحاول أن تجعل منهما روبوتات؟؟ بينما كان شقيقي ميلانير الأكبر يتناقشان حول مشكلةٍ في المستشفى وتذكرتُ أن ميلانير ذكر أن أحد أخويه طبيبٌ جراح، بينما الآخر مديرٌ مالي في المستشفى.

دخل والدي ميلانير ثم إيريس التي جلست مقابلاً لي تقريباً ولكنها لم تنظر لي قط، استمرت بالنقر على هاتفها لوقتٍ لا بأس به، وفي النهاية دخل السيد بوريدروس الذي يمسك يد روس، وبجانبه رجلٌ ببزةٍ سوداء غالية، بدا أطول من السيد بوريدروس وأصغر منه عمراً إذ كان يشبه روس قليلاً، وخلفه كانت زوجته ذات الشعر المصبوغ باللون البرتقالي وابنتين بالثانية عشر من عمرهما أو أكبر بسنةٍ أو سنتين.

لاحظتُ أن السيد بوريدروس وضيفه يتهامسان، لم يلقيا تحية الصباح رغم كل الأشخاص حول الطاولة، واستمرا بالتهامس بعد جلوسهم، ولكن البقية تجاهلوا الأمر باعتيادية وبدؤوا بالأكل، ولم ينتبه الزائر الجديد أو السياسي الكبير كما سمته توانا لي، فلم يسأل عني أو عن سبب مشاركتي لهم.

بعد انتهاء طعام الإفطار قالت المرأة أنها ستأخذ ابنتيها مجدداً لتريا المكتبة في ضوء النهار وطلب السيد بوريدروس من إيليشيا مساعدتهم على ذلك، أخبرت إيليشيا أبناءها أن يعودوا إلى غرفهم وركض الأطفال للخارج سريعاً بدون أن يرمشوا، بينما أخذ السيد بوريدروس ضيفه إلى مكتبه ورافق ميلانير عمه روس دون أن ينطق بكلمة حتى اللحظة.

بدا ميلانير مرهقاً كثيراً، رغم أن الضيف وصل البارحة وحسب، ولكنه كان متعباً وعينيه محمرة، تساءلتُ إن كان روس قد سمح له بالحصول على ساعة نومٍ الليلة الماضية، إذ لم يبدُ قادراً على فتح عينيه حتى.

قررتُ استغلال غياب الضيوف للمشي قليلاً في الحديقة الكبيرة، حين خرجتُ لاحظتُ أن الحراس الذين رافقوا الضيف وعائلته كانوا مدججين بأسلحةٍ ضخمة، وبدوا غير واثقين بأي شيء أو أي أحد وربما على رأسهم حرس عائلة أنطونيوس، أتساءل إن كان المقامرين يخونون بعضهم كثيراً إذ لم أرَ أي نوعٍ من العلاقات أو الكلمات الودية طوال الساعة الماضية، حتى حين رافقتهم إيليشيا إلى المكتبة، فقد فعلت ذلك على مضض استجابةً لما يريده السيد بوريدروس.

في أسابيعي الأولى هنا كان من الصعب علي أن أفكر بأي شيء وأنا أمشي في هذه الحديقة، كنتُ أشعر بالتوتر كثيراً، ليس بسبب عيون الحراس الكثيرة المسلطة علي، بل بسبب وقوفهم بحد ذاته، كان يذكرني أنني لستُ لوحدي وبطريقةٍ ما صارت أنفاسي تقلقني.

City of gamblers | مدينة المقامرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن