صباح اليوم التالي قمتُ بأعمالٍ كثيرة ونظمتُ العديد من الأمور من شروق الشمس، في الساعة السابعة والنصف غادرتُ غرفة الطعام نحو الطابق العلوي إلى غرفتي، وضعتُ هاتفي على الطاولة أمامي، بجانبه تماماً كان مشرطي الذي وضعتُه هناك منذ اليوم الأول، تميمة حظي، المشرط الذي ساعدني لنحت أول قطعةٍ لي، وعلى الجانب الآخر العملة المعدنية التي تركها ميلانير معي البارحة.
راقبتُ الخط الأخضر يسير عبر الشاشة قبل أن ينقطع بصورة أماليا التي ردت على الهاتف، لوحت لي بضحكتها الجميلة الواسعة وابتسمتُ لأجلها، أفتقدها كثيراً، لم تمر فترةٌ طويلة ولكني أفتقد احتضانها لي كل يوم لتعيد شحن طاقتي.
«كيف حالكِ جميلتي الصغيرة؟»
«اشتقتُ لك، هل تعلم.. أنا الأولى على المدرسة في مسابقة الرسم، معلمتي ظنت أنكَ من ساعدني ولكني أخبرتُها أنكَ مسافر.»
«هل أتقنتِ الرسم لهذا الحد؟»
«في المدرسة يقولون أنني خليفتك.»
«أنا لا أعرف كيف أرسم.» قلتُ ضاحكاً وسمعتُ صوت أندرياس يسخر من ورائها، رأيتُه يتقدم من خلف الأريكة قبل أن يجلس وارتاحت أماليا على قدمه.
«أنتَ لا تعرف كيف ترسم، ولكنكَ تستطيع أن تحول أي صورةٍ في عقلكَ إلى شيءٍ ملموس، هذا نوعٌ من الفنون أيضاً.»
«أنا حرفي أندرياس.» قلتُ بهدوء، لا أريد أن تفكر أماليا أنها جيدة بالأمر لأنني شقيقها، أنا لم أعلمها أي شيء على الإطلاق، وليس لي فضلٌ بهذا.
«الحرفي فنانٌ أيضاً، أنا فخورٌ لأن كلاكما فنانين جيدين، أنتما تكبران بشكلٍ جيد.»
ربت على شعر أماليا، واستطعتُ الشعور كم كانت فخورة لأن أندرياس يثني عليها، لطالما نادته أماليا «أبي»، لأنها لم تعرف والدنا مطلقاً، كان أندرياس محل الأب الجيد لها دوماً، هي تثق به، وتحبه، كما أنه مهمٌ للغاية لها.
ولكنني لستُ كذلك، أنا لا أثق به، ولا أهتم حين يخبرنني أنني أصبحتُ كبيراً وواعياً، فأنا لم أنتظر حتى أن أسمع شيئاً مثل هذا منه.
«ما بك؟» أندرياس قال حين لاحظ أنني أحدق بهما بصمتٍ والوجوم يعتلي وجهي، تنهدتُ مرجعاً ظهري للوراء على الكرسي مقابل مكتبي قبل أن أسأله «لم فعلتَ ذلك أندرياس؟»
«ماذا؟»
«هل كان الكذب عليَّ ممتعاً للغاية بالنسبة لك؟»
كان من الجيد أنني أحدثه الآن، لأن هذا أبسط ما خرج من فمي، لو أنني اتصلتُ به بعد أن علمتُ ما فعله مباشرةً فلن أتردد بشتمه بطريقةٍ لا تليق بعمره أو بكونه زوج والدتي!
في الحقيقة.. من الجيد حقاً أنني بعيدٌ عن المنزل، لأنني الآن أنظر لوجه أندرياس وأتمنى لو كان أمامي حتى ألكمه بكل مالدي من قوة مخرباً ملامحه الجميلة تلك.
أنت تقرأ
City of gamblers | مدينة المقامرين
Mystery / Thrillerالحياة مقامرة! حتى تعيشها عليكَ أن تضع على طاولة الرهان أشياء كبيرة، ثم تلعب بحذر. عليك أن تتوقع الخسارة، ومن الصعب أن تفوز! قد ترمي رهاناً أكبر من قدرة تحملك، وحين تخسره ستفكر أنه ليس بوسعكَ المتابعة، ولكنكَ تعود لتتابع، لأن الأمر مثل الإدمان. نحن...