استيقظتُ في الخامسة مساءً على رنين منبه هاتفي، نهضتُ لأبدل ملابس نومي وفتحتُ النافذة لتقابلني السماء ذات اللون الأحمر الداكن، هذا هو وقت الغروب والغرفة كانت تعطي مظهراً مثالياً للشمس وهي تسقط خلف عشرات ناطحات السحاب في الخارج.
مدينةٌ جديدة، عالمٌ جديد، شعورٌ غريبٌ بدأ يدخل قلبي ولم أتخيل أن الغربة ستلمس فؤادي بسرعة، لذلك سألتُ نفسي عن سر هذه الغصة في صدري، ولم أجد جواباً سوى أنني اعتدتُ على شيءٍ ما، وأنني في عراكٍ مع الوقت قبل الاعتياد على شيءٍ آخر.
نزلتُ للأسفل مستخدماً المصعد، لم تكن الصالة العملاقة هي ما يملأ الطابق الأرضي وحسب، كان هناك العديد من الغرف والأماكن الأخرى لرؤيتها، والأهم من ذلك الحراس المنتشرون في المكان، كانوا ثابتين وكأنهم قطعٌ من الأثاث، تماماً كما كنتُ أرى في الأفلام الخيالية، يرتدون بزاتٍ سوداء وقمصان بيضاء ناصعة، وحتى ربطات عنق كل واحدٍ منهم لم تكن مزاحةً ولو لسنتيمترٍ واحد.
من مكاني بجانب المصعد نقلتُ نظري بينهم، كانوا ستةً في الطابق الأرضي وحسب، بعضهم كان ينظر لي بحذر لأنني غريبٌ عن المكان، لم أستطع أن أمنع نفسي من السؤال عن سبب كل هذه الحراسة بالداخل، ألا يثقون ببعضهم؟ أم بضيوفهم؟ أم يخافون من شيءٍ ما يحتاج لكل هذه الحماية.
رأيتُ العديد من الخادمات تخرج من بوابةٍ خلفية وتدخل الأطعمة إلى أحد الغرف بجانب الصالة، عرفتُ أن هذه غرفة الطعام وفور توجهي نحوها فُتح باب المصعد خلفي ورأيتُ ورس يخرج منه.
توقف لوهلة ينظر لي وحالما استوعب من أنا وما أفعله هنا أشار لي للأمام وهو يقول «تعال لتشاركنا الغداء.»
«دعاني ميلانير بالفعل، هل يمكنني أن أتعرف على مكان عملي بعد ذلك؟»
«أجل.. ميلانير سيشرح لكَ كل شيء.»
«أعرف أنني متطلبٌ قليلاً في يومي الأول، ولكنني أفضل التحدث مع المهندس الذي رسم التصميم حتى أفهم كيفية تنفيذه.»
أمال رأسه ناحيتي رافعاً حاجباً واحداً وكأنه يتساءل إن كنتُ أتحدث بجدية أم أنها مجرد حماقة، حين لاحظ الجدية في ملامحي تمتم بملل «ذلك الثرثار يقول ما يريد قوله وحسب..»
«ميلانير هو من رسم التصميم كمشروع تخرجه من الهندسة المعمارية.» سمعتُ صوت الجد خلفي والتفتُ سريعاً، حركتُ رأسي إيجاباً ليضيف الجد «نريد مبنىً خشبي صغير في الجانب الأيمن من الحديقة، بحلول المساء ستصل كل الأغراض التي تحتاجها إلى هناك.»
«هل أخبركَ أندرياس أنني لم أقم بهذا النوع من الأعمال من قبل؟»
«وأخبرني أيضاً أنكَ قادرٌ على فعل ما تريد طالما تريد ذلك.»
ربت على كتفي بخفة وسار باتجاه قاعة الطعام ليجدحني روس بنظرةٍ حادةٍ قليلاً قبل أن يقول «خذها كنصيحةٍ في الأعمال، لا تقل مطلقاً شيئاً يجعل الآخرين يشعرون أنكَ أقل مما يتوقعون، حين تواجه مشكلةً عليكَ أن تحلها بنفسكَ دون أن تُشعر الآخرين أنكَ تحس بالنقص.»
أنت تقرأ
City of gamblers | مدينة المقامرين
Mystery / Thrillerالحياة مقامرة! حتى تعيشها عليكَ أن تضع على طاولة الرهان أشياء كبيرة، ثم تلعب بحذر. عليك أن تتوقع الخسارة، ومن الصعب أن تفوز! قد ترمي رهاناً أكبر من قدرة تحملك، وحين تخسره ستفكر أنه ليس بوسعكَ المتابعة، ولكنكَ تعود لتتابع، لأن الأمر مثل الإدمان. نحن...