راودتني بعض الكوابيس بتلك الليلة، حين استيقظت في الصباح التالي لم أشعر بأي رغبةٍ في العمل، أفكاري كانت مضطربة، كنتُ مشتتاً جداً ولم أتوقف عن التفكير بكلامها.
نزلتُ للطابق الأول، القصر هادئ للغاية في هذا الوقت الباكر، أشقاء ميلانير الأكبر يخرجون للرياضة في الحديقة أو للجري خارج المنزل، والخادمات تنظفن المكان قبل استيقاظ العائلة لتناول إفطارها في السابعة، لذلك شعرتُ أنني وحيدٌ في المكان الكبير رغم زحمته وزحمة أفكاري.
توجهتُ للجانب الخلفي من الطابق الأرضي حيث يقع المطبخ الكبير، كان بعيداً نسبياً عن غرف الجلوس ولكن ميلانير دلني عليه من قبل، طرقتُ على الباب الخشبي بأطراف أصابعي لتنتبه لي الخادمات اللواتي يعددن الإفطار.
حدقت بي إحداهن لفترة من الوقت لأقول سريعاً «أنا الحرفي الذي أعمل بالحديقة.»
«أوه.. أنتَ قريب العائلة الذي يعيش هنا.»
«أجل.. هل يمكنني الحصول على فنجان من القهوة؟»
«بالطبع.» أجابتني أخرى وذهبت نحو إبريقٍ كهربائيٍ ضخم يعمل كمحضر للقهوة، سكبت لي فنجاناً كبيراً بينما تقدمتُ لأجلس على الكرسي بالداخل.
«تبدو متعباً.»
«مازلت نعساً قليلاً فقط.» أجبتُ كاذباً وحدقتُ مجدداً بانعكاسي في القهوة السوداء قبل أن أسأل «هل هناك أبناء آخرين للعائلة غير الموجودين هنا؟»
سألتُ الفتاة الصغيرة التي تعمل بجانبي والتي لم تبلغ من العمر الثامنة عشر بعد، نظرت لي محتارة ثم حركت رأسها للجهتين وقالت «لا أعلم، أنا جديدة هنا، ولا يسمح لنا بالتحدث عن العائلة أو معهم سوى بالعمل.»
«هل تعملين في المطبخ وحسب؟»
«أجل.. أنا لا أتحدث معهم أبداً.» همهمتُ بتفهم ولاحظتُ أن إحداهن كانت تنظر نحوي بتفحص وكأنها تسمع ما يقال، كان من الواضح أنها رئيستهم هنا، لأن الصغيرة ما إن لاحظت ذلك حتى اعتذرت وذهبت لعملها، بينما اقتربت هي مني وقالت «هل تريد شيئاً ما؟»
«كنتُ أسأل عن أبناء السيد بوريدووس الغير موجودين في المنزل.»
«لم تسأل؟»
«أنا فضوليٌ قليلاً حول ذلك، هل تعملين هنا منذ وقتٍ طويل؟»
«أجل.. تسع سنوات تقريبا.»
«تشرفتُ بمعرفتك، أنا إدوارد.»
«أعلم ذلك..» قالت ببرود ثم تركتني لتتابع عملها، واقتربت إحداهن لتقول بأذني سريعاً «السيدة ميليسيا عصبيةٌ قليلاً فلا تنزعج.» ثم تابعت عملها قبل أن تنتبه لها ميليسا.
ميليسا كانت بأواخر الثلاثينات من عمرها تقريباً، عينيها حادة مثل صقر، وواصلت النظر لي طوال فترة مكوثي لشرب قهوتي، شيءٌ ما حولها كان مثل هالة مزعجة جعلها تبدو كخادمةٍ غير عادية هنا، أكثر من كونها رئيستهم.
أنت تقرأ
City of gamblers | مدينة المقامرين
Misterio / Suspensoالحياة مقامرة! حتى تعيشها عليكَ أن تضع على طاولة الرهان أشياء كبيرة، ثم تلعب بحذر. عليك أن تتوقع الخسارة، ومن الصعب أن تفوز! قد ترمي رهاناً أكبر من قدرة تحملك، وحين تخسره ستفكر أنه ليس بوسعكَ المتابعة، ولكنكَ تعود لتتابع، لأن الأمر مثل الإدمان. نحن...