30 |وحيد وغريب ومنهار|

566 100 14
                                    

حين خرجتُ من المستشفى اتصلتُ بتوانا وطلبتُ منها أن تقابلني..

جلسنا معاً في مكانٍ بعيد، منعزلٌ عن ضجة الآخرين، وليس فيه سوى القليل من الأشخاص، وحدثتُها عن أمي..

قلتُ لها كل أفكاري، كل مخاوفي وكل ذكرياتي السيئة والجيدة، قلتُ لها كل ما أخبرني به ميشيل، وقلتُ لها أنني لا أريد أن أنهار حالياً لأنني أعلم أنني سأنهار عند موتها، فلا شيء يبقيني قوياً الآن سوى حقيقة أنها مازالت تتنفس.

هدأت من روعي، ربتت على كتفي، وعانقتني، شعرتُ بها تحاول مسح كل الآثار السيئة من قلبي، وقد أحست بكل شيٍء قلتُه لأن أمها كانت مريضةً من فترة، وقد شعرت بكل هذا الألم لأنها مرت بهذا الفزع سابقاً.

أنا ممتنٌ لها، أحبها كثيراً، وأتعجب من الطريقة التي أحببتُها بها بسرعة، كنتُ عاقلاً بما يكفي حتى أتجاوز حبي القديم في أسابيع قليلة وكانت قريبةً كثيراً مني.

رغم سوء الأوضاع، ولكني أتمنى لو بوسعي أن أتنازل عن كل مخاوفي وأكون معها، لكنني والحب والوقت لم نجتمع جيداً، حين أحببتُ لأول مرة خانني الوقت، وهذه المرة أشعر أنني أعارك، أعلم أنها فتاة طيبة القلب، وهي ستحارب معي، ولكن ما ذنب الأشخاص الطيبين لنستغل ذلك.

هناك طريقة واحدة للحب، وهي أن تقع فيه، البشر لا يملكون خيارات فيما يتعلق بهذا الأمر، حين تحب فلا تحصل الأمور كما هو مخطط لها مطلقاً، حتى وإن كنتَ واعياً وعقلانياً جداً تدعي أنكَ تسير للحب بقدمين واثقتين، ولكن ثمة مرحلةٌ ما لن تنتبه قدماكَ الواثقتان لأي شيء، وستقع بالحب، وربما لهذا السبب كل الكتاب الذي قرأت لهم قالوا أن الحب أعماهم.

ثمة طريقةٌ واحدة للحب، ولكن هناك طرق لا تحصى للفراق، ولأنني أعلم أن كل الأمور التي تقع تتحطم أو على الأقل تتأذى بشرخٍ عميقٍ لا يمكن إصلاحه، فقد بدأتُ على الفور أضع احتمالاتٍ سيئةٍ حولنا، حول الطريقة التي ستنتهي بها قصتنا التي لم تبدأ بعد، وهذه الاحتمالات أوصلتني لبقعٍ سوداء في رأسي لم أتوقع أن تكون هناك أصلاً..

لأنني أحببتُها حقاً، ولأن تجربتي الأولى بالحب ضاقت علي حتى خنقتني، فقد كان من الصعب أن أبعد نفسي عن الاحتمالات السيئة.

لقد وقعتُ في الحب حقاً، وهذا الفعل غيَّر شيئاً ما بي، لم يحطمني كما ظننت، ولكنه جعلني ضعيفاً، وحدها هي كانت تجعلني أشفى وتبث في صدري القوة، حين تكون بعيدة تتقافز أفكاري في رأسي، ولكن حين أراها أو أفكر بصورة ضحكتها، تبدو كل الأمور على ما يرام، وأعلم أن ما بذلتُه كان قليلاً جداً، وأنها، وأن هذه المشاعر، تستحق الكثير من التضحيات.

حين عدتُ للمنزل في المساء كانت أماليا مستلقيةً على الأرجوحة الكبيرة في الحديقة، رأسها على قدمي ميلانير.

City of gamblers | مدينة المقامرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن