12 |الفتى الواقع بالمتاهة|

662 108 24
                                    

في الحديقة كانت أضواء سيارة ميلانير الحمراء الرياضية تعمل، وكان بداخلها يضع يده على المقود عاقداً حاجبيه بمزاجٍ سيءٍ واضح، وخشيتُ أن تعود الأيام تلك حين فعل مشكلةً ما في عملهم وتشاجر مع روس ولم أرَ ضحكته المبهجة لأيام.

ركبتُ بجانبه وركبت توانا في المقعد الخلفي، وحين تحركت السيارة خارجةً من حديقة القصر الكبيرة لاحظتُ أن سيارةً كبيرةً سوداء تسير خلفنا، والصمت المطبق في السيارة سيطر علي ولم أتجرأ أن أسأل ميلانير لم يخرج برفقة حراسة للمرة الأولى.

أسندتُ رأسي على الكرسي أراقب الطرقات وهي تمر أمامي، كان منزل توانا في منطقةٍ بعيدةٍ عن مكان عائلة أنطونيوس، حيٌ واسعٌ به بيوتٌ متوسطة الحجم، وكان منزلها الصغير من طابقٍ واحدٍ محاطٌ بحديقةٍ أصغر بالمساحة من الكوخ الذي أصممه في منزل أنطونيوس، وازداد شعوري بالإلفة مع هذه الفتاة، كيف أننا في ذاك المنزل نعيش نفس الغربة معاً.

قصر عائلة أنطونيوس ليس مكاناً عادياً، حين تدخل إليه ستشعر بأنكَ منفصلٌ كلياً عن العالم الخارجي، كل الخدم والحرس والمزارعين والطباخين يجعلون المكان أشبه بمدينةٍ صغيرة ناهيكَ عن عدد أفراد العائلة الكبير، بعضهم يمارس الرياضة وبعضهم يخرج للسباحة، هناك صغار وكبار وأطفال ونساء ورجال وأشخاص مختلفين، وحين تكون بداخل المكان ستنسى أن هناك كل هذه الشوارع والمدينة الكبيرة في الخارج، ستركز على القصر وحسب، وهذا ما خلق نفس الشعور عندي وعند توانا، وربما عند كل عاملٍ أو حارسٍ في القصر.

«هل تحتاجين شيئاً قبل دخولكِ للمنزل؟ يمكنني المساعدة.» ميلانير قال وهو يستدير ينظر إليها، نبرته كانت هادئة وغير متفاعلةٍ تماماً، ولو كنتُ مكانها لما طلبتُ منه أي شيءٍ حتى على الرغم من كوني صديقه الشاب الذي لن يشعر بكلفة ذلك.

«لا، تصبحون على خير، اعتنوا بأنفسكم.» لوحت لكلينا ونزلت من السيارة، وبقي ميلانير واقفاً ينتظر حتى رآها تدخل المنزل وتغلق الباب.

«منزلها بعيدٌ جداً بالنسبة لقصركم، أعتقد أنه يستغرق ثلاثين دقيقة مشياً، من الغريب أنها تقضي وقتاً طويلاً حتى الليل هناك.» علقتُ حالما تحركت السيارة ليلتفت نحوي ثم هز كتفيه وأجاب «لا أعلم، أعتقد أن جدي كلف شخصاً ما بتوصيلها لو تأخرت، ولكنها عنيدة ولا تقبل هذا النوع من التمييزات.»

صوته عاد عادياً، غير متوتر أو مرتبك، مزاجه مازال معكراً قليلاً ولكنه حاول إخفاء ذلك ببراعة.

«هل تقبل هذا النوع من التمييزات منك؟»

«منذ سنوات كانت تأتي كثيراً إلى القصر، نشأت بيننا علاقة صداقةٍ وطيدة.»

«لا تبدون كأصدقاء.»

لم يجبني، بدا على وجهه الامتعاض وشد على عجلة القيادة بيده وزاد من سرعته وهو يرد «لقد تأخرنا عن موعدنا.»

City of gamblers | مدينة المقامرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن