5 |غريب في المدينة|

711 119 41
                                    

كنتُ في زاوية الحافلة اليمينية حيث هناك مقعدٌ واحد وحسب، لذلك لم يكن هناك شخصٌ ليجلس بجانبي وكان ذلك مريحاً للنظر من النافذة طوال الوقت، هذه المرة الأولى لي بالابتعاد عن القرية لهذا الحد، كل شيء رأيتُه كان جديداً علي، المقهى الذي أوقفنا سائق الحافلة عنده في الاستراحة كان أكبر من أكبر مقهى في قريتنا، يضج بالأشخاص المختلفين تماماً، حين عدنا إلى الطريق بدأت الأرياف تختفي، واستطعتُ أن أرى الأبنية العالية، والطرقات المعبدة الواسعة، واللافتات الملونة والفتيات الجميلات بملابس عصريةٍ ومنفتحة وحتى أنني لمحتُ بعض الشبان يرتدون المجوهرات ويطيلون شعرهم، وسيارة أندرياس غالية الثمن التي تشعر بالوحدة دوماً في قريتنا كانت ستجد الكثير مثلها هنا.

شعرتُ أنني فجأةً انتُزعتُ من عالمي المختلف كلياً ورُميت في العالم الذي كنتُ أراه في الأفلام، لذلك لوهلة بدا كل شيء غير حقيقي تقريباً، وكأنه مسروقٌ من مكانٍ آخر، حين حملتُ حقيبتي ووقفتُ بالخارج أنتظر السيارة الحمراء العالية فكرتُ أن هذا قد لا يكون حقيقياً وربما تأثر بالدراما الأخيرة التي شاهدتها، ولكن الجو البارد في المدينة والهواء المشبع بالغبار ساعدني لأتأكد أن هذا حقيقي للغاية أيضاً.

«إدوارد كارتر.»

صوتٌ هادئٌ للغاية نادى اسمي، حين التفتُ للوراء وجدتُ شاباً يبدو أصغر مني عمراً لا يبدو أنه قد تجاوز الخامسة عشرين، عيناه الزرقاء الهادئة كانت تنظر لي بتساؤل وكأنه يتأكد أن هذا هو اسمي لأحرك رأسي إيجاباً فأضاف سريعاً «كنتُ أنتظركَ بجانب الباب الآخر، آسفٌ للتأخر عليك.»

مشيتُ خلفه أحمل حقيبتي الصغيرة، حين وصلنا للباب الآخر قابلتُ سيارةً كان سقفها يصل إلى طولي تقريباً وفتح لي الشاب الصندوق بزرٍ على المفتاح في يده وركب في مقعد السائق لأضع حقيبتي في الخلف وأركب بجانبه أيضاً.

«اسمي ميلانير أنطونيوس، تشرفتُ بمعرفتك.»

«تشرفتُ بمعرفتكَ أيضاً، أدعى..»

قاطعني «إدوارد كارتر، جدي لم يتوقف عن التحدث من البارحة أن ابن زوجة عمي أندرياس قادمٌ للمنزل.»

«أوه، أعتذر بشأن ذلك.»

«لم. تعتذر، ليس بالأمر الجلل، جدي يعيد نفس سلسلة التعليمات التي حفظناها منذ أن كنا صغارا كلما جاء ضيفٌ للمنزل، لذلك نحن نشعر أنه يبالغ.»

اصطنعتُ ضحكة صغيرةً لما قاله، ثم أخذتُ نفساً طويلاً ونظرتُ للمدينة مجدداً، وكل شيء كان غريباً عني تماماً.

«إدوارد كارتر، مرحباً بكَ في منرل عائلة أنطونيوس.» قالها ميلانير حين توقف بجانب أحد الأبواب، لم أفهم لوهلة أنه يشير لهذا القصر الكبير بقوله منزل العائلة، البوابة الحديدية الكبيرة الخارجية والحديقة هائلة الحجم التي تحيط بالمنزل كانت أكبر من منزلنا والحقل المجاور له، المنزل ذو الطلاء الأبيض والذهبي كان هائل الحجم حتى أنني حين نزلتُ من السيارة اضطررتُ أن أرفع رأسي للأعلى حتى أرى قمته التي كانت تحمل رمزاً لم أتبينه، ولكني خلال ثوانٍ انتبهتُ أنه كان منقوشاً على البوابة الأمامية، أربعة مثلثات متداخلةٌ مع بعضها البعض.

City of gamblers | مدينة المقامرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن