19 |الشاب المريض|

531 103 17
                                    

غادر ضيوف عائلة أنطونيوس في نهاية الأسبوع، وبذلك حصلنا جميعاً على حريتنا..

كنتُ قد اعتذرتُ من توانا وأخبرتُها أنني لن أكون قادراً على الخروج معها كثيراً هذا الأسبوع رغم عطلتي لأنني قضيتُ معظم الوقت في غرفة ميلانير.

في اليوم الأول هاجمته كل أعراض الحمى، صار يرتجف من البرد ويهذي ولم يستطع أن يستيقظ أبداً ناهيكَ عن حرارته المرتفعة مما اضطرني لأوقظ ميشيل في الليل لتفقده، في اليومين التاليين كان أفضل حالاً ولكنه بقي مرهقاً كثيراً، بعدها بدأ يغادر الغرفة لتناول الغداء وحسب، يأكل طعامه ثم يعود إلى غرفته، ولا تتلاقى عينيه مع عيني عمه الذي لم يكلف نفسه بالسؤال عنه أبداً.

لم يكن قضاء الوقت مع ميلانير سيئاً بالمعدل العام، كان يضحك معظم الوقت طالما لا يشعر بالتعب، علمني على جهاز الألعاب خاصته وساعدنا ذلك كثيراً على تضييع الوقت، شاهدنا بعض الأفلام على شاشةٍ كبيرةٍ موجودةٍ في غرفته، وأخبرني بطريقة رسم التصميمات الهندسية على حاسبه المحمول، رغم أنني لن أفعل ذلك في حياتي، ولكن تعلم ذلك كان مثيراً للاهتمام حقاً، تحدثنا كثيراً، ولكن أياً منا لم يتجرأ أن يتطرق لأمر الحادث أو روس أو أي أمرٍ آخر.

ولكن الأوقات القليلة الأخرى كانت سيئة، كان ميلانير يصمت، ينظر من النافذة ويحدق بالسماء بصمتٍ وكآبةٍ، لم يكن هذا الرجل سعيداً في حياته كما توقعتُ في البداية، مع الوقت أدركتُ أنه لم يكن سعيداً أبداً منذ اليوم الذي فهم به أنه ليس من عائلةٍ عادية، وما تبع ذلك من قرارات، مثل تكريس نفسه للعمل تحت إمرة عمه، أو إجبار نفسه على نسيان كل مشاعره اتجاه الفتاة التي يحبها.

هكذا كنا نقضي طوال النهار، أما الليل كان حكايةً أخرى، لم أستطع النوم في الليل لأسبوع لأن حالة ميلانير كانت تسوء، يستيقظ طوال الليل ويضغط على رأسه لشدة صداعه، كان يتقيء كل ما يأكله وفي النهاية يسقط في النوم لشدة التعب، لفترةٍ قصيرةٍ للغاية، وتستمر حرارته بالارتفاع خلال ذلك الوقت، مما جعلني أظن أنه في حالة إغماء بسبب .

بعد مرور أسبوع كامل، لم يكن هناك أي تغير في حالة ميلانير، وشعرتُ أن هذيانه يزداد أثناء نومه مما جعلني أتصل بميشيل مجدداً، بعد دقائق دخل الغرفة بملابس نومه، مسح على شعر أخيه وقاس حرارته ثم تنهد وسأل «هل كان هكذا طوال النهار؟»

«بدا لي اليوم متعباً أكثر من باقي الأيام.»

«ظننتُ أنها مجرد حمى وسيتحسن مع الوقت، ولكن حالته تزداد سوءاً، سآخذه للمستشفى للقيام ببعض الفحوصات.»

«الآن؟» سألتُه باستغراب وأنا أنظر لعقارب الساعة على الجدار مشيرةً للثالثة صباحاً.

«حسناً، أنا شقيقٌ كبير مهملٌ قليلاً، كان من المفترض أن أفعل ذلك منذ أيام، يمكنكَ أن تذهب لغرفتك، سأعتني بالأمر.»

City of gamblers | مدينة المقامرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن