عدتُ تلك الليلة لغرفتي، مرهقاً من السهر لوقتٍ طويل، مشتتٌ بعض الشيء من معرفتي أن ميلانير كان معجباً بتوانا، ومضطربٌ تماماً من كلمات ميلانير الأخيرة، لقد هددني بقتلي حرفياً لو أنني طرحتُ الكثير من الأسئلة، ولكنه كان بالوقت نفسه يحذرني حتى لا يعلم أحد أنني عرفتُ السر من توانا.
ربما خشيةً عليها من أنني أخبرتُها الحقيقة، خوفاً مما ستفعله عائلته لها وهي التي تعرف كل أسرارهم وهم الذين يخدعونها بقولهم أن الرجل الذي تقدره قد مات، وربما حتى لا أثير الفوضى مجدداً، فقد كانت أعمال العائلة في مشاكل مختلفة في الفترة الأخيرة.
رغم كل الإرهاق الذي لازمني ولكن النوم وجد طريقه بصعوبةً لعينيَّ، في اليوم التالي لم أستطع أن أصحو مع شروق الشمس مثل العادة، نمتُ طويلاً كمحاولةٍ للتعويض، ولم أكن مرتاحاً، لازمتني الكوابيس وضاقت أنفاسي طوال الليل بسببها.
حين فتحت عينيَّ كانت إيريس في غرفتي، تهز كتفي وتطلب مني النهوض، خلال أجزاء من الثانية ظننتُها أمي وهي توقظني، ولكني خلال لحظة تبينت معي الملامح الجميلة والشعر الأشقر المجعد ونهضتُ فزعاً بسبب وقوفها أمامي.
«هل أرعبتُكَ لهذا الحد؟»
«ماذا تفعلين هنا؟»
«والدي كان قلقاً لأنكَ لم تظهر في الصباح أو على الإفطار، والثرثار ليس هنا ليصعد إليكَ بنفسه لذلك أرسلني، هل أنتَ على قيد الحياة؟»
«أجل.. نمتُ متأخراً البارحة.» استويتُ جالساً ونظرتُ لها، بينما بقيت تقف أمامي متكتفةً تنظر لي بتفحص وكأنها تقيمني.
«ما بكِ؟»
«أتساءل ما الذي يفكر به أندرياس بشخصٍ مثلك حتى يرسله لمنزلنا.»
كنتُ أحياناً أسأل نفسي السؤال عينه، ولكني لم أردها أن تعرف أن كلماتها قد تزيد عدم ثقتي أو قلقي، لذلك أجبتُ بهدوء «لقد عشنا معاً لسنوات، لذلك هو يعرف ما يفعله.»
«عشتُ معه لسنواتٍ أطول، هو شقيقي الأكبر وأعرف تماماً أنه لا يثق بالنوع مثلكَ من الأشخاص.»
«النوع مثلي؟»
«تبدو مثل متطفل، تجلس في المكتبة معظم الوقت وتفتح غرف الطابق الثالث وتتفحصها واحدة واحدة، أنتَ حرفياً تراقب تصرفاتنا في فترة الغداء، كل عائلتنا تفكر بنفس الطريقة، وأعلم تماماً أنكَ لا تستحق الثقة.»
«أراهن أن عائلة أنطونيوس لم تصل لهذا النجاح والأهمية لو كان كل أفرادها يفكرون بهذه الطريقة السطحية.» رفعت حاجبيها باستنكار وبدت مثل شخصٍ ينظر بقرف لي، وقفتُ أمدد عضلات جسدي ومجدداً كانت تستصغرني أو تقيمني لأشير لها ناحية الباب «استيقظتُ بالفعل، يمكنكِ الخروج وإخبار السيد بوريدروس أنني على قيد الحياة.»
أنت تقرأ
City of gamblers | مدينة المقامرين
Misterio / Suspensoالحياة مقامرة! حتى تعيشها عليكَ أن تضع على طاولة الرهان أشياء كبيرة، ثم تلعب بحذر. عليك أن تتوقع الخسارة، ومن الصعب أن تفوز! قد ترمي رهاناً أكبر من قدرة تحملك، وحين تخسره ستفكر أنه ليس بوسعكَ المتابعة، ولكنكَ تعود لتتابع، لأن الأمر مثل الإدمان. نحن...