21 |مدمن مخدرات|

675 98 35
                                    

قضيتُ الأيام بهذه الطريقة، أجلس مع ميلانير وأتحدث معه، أو أقرأ الكتب التي يحضرها ميشيل معه من المنزل لأجلي، أحياناً أروي لميلانير عن قصص بعض الكتب وتثير اهتمامه، ولكن حين يحاول القراءة يصيبه الملل بعد بضعة صفحات.

كثيرٌ من الوقت مر أثناء مراسلتي لتوانا، كنا نتحدث لأكثر من أربع ساعات باليوم عبر الرسائل النصية، أخبرتني عن جامعتها، وزملائها، المكان الذي تدرس به والمعلمين هناك، كما أخبرتني أنها تستغل عطلتها من العمل لتدرس ما فاتها في الأسابيع التي سبقت مجيء الضيوف لعائلة أنطونيوس، كان ذلك مثيراً للاهتمام بالنسبة لشخصٍ لم يتابع دراسته سوى للثانوية، وكان من المذهل أنها تستطيع أن تقول لي كل ما يتبادر لذهنها وهي تعلم أنني لن أنزعج من ذلك، أنا لم أشعر يوماً أنني أقل من غيري لأنني تركتُ الدراسة، أعلم يقيناً أنني اخترت طريقاً مختلفاً لمسيرة حياتي، كنتُ سعيداً بهذا الطريق وناجحاً به، وهذا كافٍ لأكون ممتناً! وبطريقةٍ أو بأخرى.. كنتُ ممتناً أيضاً لأن توانا تدرك ذلك.

أخبرني أبي ذات مرة أن هناك أشخاصٌ وجدوا في هذا العالم ليحققوا اتزانه حتى لا يميل للهاوية بسبب خطايا الآخرين، كانت هذا النوع من الأشخاص، كنتُ أتزن حين أتحدث معها، وهذا جعلني أتخيل أن كل العالم يتزن بسبب أشخاصٍ مثلها.

أحياناً كنتُ أفكر أنها تقوم بكل شيء بشكل صحيح، أتساءل إن كانت ملاكاً لا يخطئ، أعلم أننا جميعنا نخطئ، ولكنها كانت مميزةً جداً.

بعد مرور أسبوع أخبرتني أنها ستأتي لزيارة ميلانير في المستشفى، قالت بالحرف الواحد أنه كان لئيماً معها منذ فترةٍ طويلة بلا سببٍ يذكر، لاحظت أنه كان يتجنبها ولكنها بالتأكيد لم تعرف السبب، كنتُ أعلم ذلك، وأحسستُ أنني قاسٍ للغاية لتخبئتي الحقيقة..

جلستُ على الأريكة في وسط الغرفة أشرب من علبة مياهٍ غازية، ميلانير كان على الأريكة المقابلة، يحدق بي بغيظ لأنني أرغمه على تناول الأطعمة الصحية والتي يكره معظمها.

«إدوارد، هل تظن أن الممرضة ذات الشعر البني معجبةٌ بي؟» قال من العدم لأنظر نحوه بحاجبٍ مرفوع فابتسم بتلاعبٍ وأضاف «لقد كانت تحمر خجلاً وهي تقيس ضغطي.»

«أنتَ تتخيل.»

«أعتقد أنها أعجبت بعضلات يدي وبعروق ذراعي.»

«أوه ميلانير.. تملك دماغاً فاسداً، لم أكن أعرف هذه المعلومة عنك.»

انفجر ضاحكاً لما قلتُه ثم أرجع رأسه للوراء، حدق بسقف الغرفة لوقتٍ طويل قبل أن يقول «إدوارد، إن ائتمنكَ شخصٌ وغدٌ مثلي على سرٍ ما، فلن تخبر به أحد صحيح؟»

نظرتُ له باستغراب وعلى الفور أغلقتُ هاتفي أعطي المحادثة جل انتباهي وأجبتُه بجدية «أنا لم أنظر لكَ يوماً كشخصٍ وغد.»

City of gamblers | مدينة المقامرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن