دق قلبي لسماع وقع تلك الكلمات و تسمرت في ذلك الجزء من القطعة الصغيرة كأنني أنتظر أن يظهر من العدم ، و لكنه لم يفعل فسألت بصوت منخفض :
" أين أنتَ ؟! لا يمكنني رؤيتك إن الظلام دامس "
علقت بتذمر و لم ألبث سوى ثوان معدودة حتى قفزت بفزع حتى كدت أبلل سروالي من شدة الفزع حين قرصني أحدهم على ذراعي ." أظن أنك تعرفين الإجابة الآن "
همس و كم كانت النسمات التي غادرت ثغره باردة كأنه كائن ميت لا تدب فيه الحياة و لسبب ما أحسست أنها تحرق الجلد الذي على عنقي .استدرت بسرعة و لم يكن من الصعب الإحساس أن جسدا ضخما كان يقبع قبالة مني و أنا ازدرمت ريقي بصعوبة شديدة حين أدركت أن قلبي قد دق دقته المليون مسبقا .
" ما الذي تفعله هنا ؟!"
تجرأت أخيرا على طرح السؤال الذي لم ينفك يحرق عقلي من شدة الفضول و الحيرة و الضياع و هو أجاب :
" فقط أظن أنني مصاب بالأرق و كان من الممتع إخافة بشرية محتجزة في زنزانة مظلمة ، يساعدني إزعاج الآخرين على النوم عادة "" على الأقل أنتَ تعترف بأنك مزعج "
علقت بسخرية و لم أكد أن أزيد حرفا آخر حتى أحسست بالضعف يتسلل شيئا فشيئا إلى أضلعي كأنه سم يتغلغل في ربوع جسدي و يجعلني أفقد السيطرة التامة عليه .استسلمت لذلك الشعور الذي كان أشبه بالدخول في غيبوبة ما ، كأنني أسلم مصيري إلى ذلك الذي يشاطرني الغرفة .
~~~~~~~~~~~~
|| في اليوم الموالي ، الساعة الثامنة صباحا ||
لقد كان الأمر أشبه بحلم ؟ أم أنه كان كذلك .
لقد وقفت الكلمات في حلقي عاجزة عن وصف غرابة الموقف الذي أنا فيه حاليا .ذلك لأنني أتذكر كل ما وقع أمسا التفصيل بالتفصيل ، و إن لم تخذلني ذاكرتي فإن أتذكر جيدا أنني كنت أمضي ليلتي في تلك الزنزانة المظلمة أنتظر أن يزورني النعاس رغم لسعات البرد .
و لكنني استيقظت هذا الصباح لأجد نفسي على هذا السرير الوثير كأسرة الملوك مغطاة ببطانية دافئة وسط غرفة مظلمة لا تتسلل إلا أضعف خيوط النور و أدقها .
أيعقل أنه هو الذي أحضرني إلى هنا البارحة ؟
كنت أتساءل و اللعنة أنا سأموت إن لم أعرف ماذا حصل أمس و ما الذي حدث بالضبط حتى سقطت أرضا كأنني فارقت الحياة طوال الليلة الفارطة .أبعدت اللحاف بسرعة و ما إن وضعت قدمي الحافية على البلاط حتى دب البرد القارس إلى عروقي بأكملها فرفعتها مجددا أعيدها إلى المكان الدافىء الذي كانت فيه .
أنت تقرأ
الحوراء [ P.JM]
Romanceهُو زَعيمُ العَالَم السُّفلِي وَ مَصَاص دِمَاءٍ ، وَ هِي خَادِمتُه البَشرِية فِي العَلن و مَعشُوقَتُه سِرّا ... ثُمّ تَنقَلبُ المَوازِين فتُصبحُ ملِكتَه و ملْكَا لَهُ ... يُلَقّبُونها بالحوْرَاء فَهي نَاصِعَة البَياضِ حَتى قِيل أنّها مَلاك هوى من ال...