4

1.4K 18 6
                                    

فضاءات اليأس والأمل / الجزء الرابع

باتت تكره بالفعل وجوده في حياتها.. تسلطه على روحها وجسدها.. وتكره ما تعلم أنه سيحدث بعد دقائق..
لأنها تعلم بما أنه أيقظها .. فهو يريد شيئا.. باتت تحتقر نفسها وتحتقره وتحتقر علاقتهما الباردة التي لا تتجاوز حدود الجسد..
إن كان يراها بدينة وقبيحة ولا ترضيه.. فماذا يريد منها؟؟

لم يخب ظنها.. فهي باتت تعرف تفكيره وردات فعله.. شعرت بأنفاسه دافئة على أذنها: يهون عليش يا أم ريم تخلين أبو ريم ينام زعلان ما راضيتيه..

حينها اعتدلت جالسة.. وصــــفـــعـــتـــه بها..
صفعة نارية ..بقلب بارد..
صـــدمــــة عـــمـــــره كــــلـــه!!

لم يخطر لمتعب حتى في أشد كوابيسه جموحا وسودواية ما ستقوله مها وهي تعتدل أكثر في جلستها وتهمس بحزم بالغ :
متعب أنا ما أني بطايقتك.. أرجاك تعرس وتفكني منك..

قفز واقفا خارج حدود السرير كله كما لو كانت لسعته حية.. كان يرتعش بعنف.. جسده كله يرتعش..
كان يصر عينيه وهو ينظر نحوها.. كما لو كان يريد أن يتأكد أن هذه الكلمات صدرت منها هي.. من مها..

يهز رأسه.. ويعود للنظر إليها بينما تتحاشى النظر إليه..
لم يتخيل أبدا أن مها تكرهه لهذا الدرجة.. لدرجة أنها تريده أن يتزوج عليها..

هي كانت بالمثل.. ترتعش جالسة على السرير وهي تنظر لكفيها المتشابكين في حضنها.. تغمض عينيها وتفتحها..
لا تصدق أنها قالتها أخيرا..

(أ حقا قلتها؟؟ أ حقا؟؟)

كانت في داخلها تشعر براحة ما.. أنها تشجعت أخيرا لتطالبه أن يعفيها من ثقل قربه..

هو مازال ينظر لها بصدمة..الأرض تحته غير ثابتة.. حاول اقناع نفسه أنها ربما تمزح..
لكن شكلها وطريقة قولها لكلماتها أبعد ما تكون عن المزح..
(بايعتني لذا الدرجة يأم البنات؟؟
ليه يا مها؟؟ ليه؟؟
والله أني أحبش وأموت فيش
وأنتي تدرين..
ليه تذبحيني كذا؟؟)

يشعر بالصداع يفتت خلايا مخه.. يشعر بالألم يمزق حنايا روحه.. والارتعاش يأبى أن يفارق جسده.. يرتعش كمصاب بحمى شديدة...

قد يكون يكره الكثير من الأشياء في مها.. ولكن مها ذاتها يعشقها.. يذوب لها عشقا..
لم يعرف الحب إلا لها ومعها..

لم يستطع حتى يسألها لماذا وكيف؟؟
الحرقة غمرت روحه حتى فاضت..
أي تبرير لن يشفع لها حتى .. يستحيل أن يقبل منها تبريرا حتى..
حتى لو قالتها بساعة غضب وعن غير قصد..
لا يستطيع أن يقبل منها أي تبرير في لحظات الفجيعة هذه..
أي مبرر سيشفع لها في بيعها لزوجها وشريك روحها ووالد بناتها ؟!
هناك آلاف الخطوات تتم لحل أي مشكلة بين زوجين قبل التخلي عنه وكأنه سقط المتاع..
وكأنه حجر عثرة يسد طريقها..
كيف لم تفكر في بناتهما؟ في عشرتهما؟ في كل الأشياء التي جمعتهما طيلة السنوات الماضة؟

فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن