37(1)

1K 13 1
                                    

فضاءات اليأس والأمل / الجزء السابع والثلاثون (1)

كان فرات وحامد في حوارهما..
حينما فُتح الباب بعد طرقة واحدة..
ودخلت سيدة أنيقة جدا.. ترتدي عباءة وتلف شيلتها حول وجه ناصع البياض..
كانت في منتصف الخمسينات.. ولكن شكلها يمنحها عمرا أصغر بكثير..
دخلت بثقة بالغة وهي تتجه نحو حامد وتهمس بحنو:
سلامتك حبيبي حمودي ألف سلامة..

كانت تتحدث بلهجتهما بطريقة شبه متقنة لطول معاشرتها لها.. ولكن يظهر فيها في بعض الأحيان آثار لهجتها الأصلية ...
حاول حامد أن يعتدل حتى يتلقى والدته.. ولكنها وصلته بشكل أسرع.. وهي تهمس باستعجال حان:
لا يا ماما لا تتحرك.. موب زين إلك..

مالت عليه لتقبل جبينه ثم خده.. تناول حامد كفها وقبلها وهو يهتف بمودة واشتياق:
الحمدالله على السلامة يمه..
نورتي بون وضواحيها وغرب أوربا كلها..

أم حامد مالت مرة أخرى على حامد لتلصق خدها بخده بمودة: نورك يا حبيب ماما..

فرات حينما رآها دخلت، وقف.. حين أنهت سلامها على حامد.. مال فرات عليها وقبّل رأسها وهتف برسمية: الحمدالله على السلامة يا أم مانع..
عسى ما تعبتي في الرحلة؟؟

همست برسمية مشابهة لرسميته: لا أبدا.. كانت رحلة خفيفة..

هتف فرات بذات الرسمية وهو يعود لمقعده: لو علمتينا بموعد الطيارة كان جيت أستقبلش..

ردت عليه وهي تجلس على كرسي مجاور لحامد وتضع يدها على يده الممددة على السرير:
ما لو داعي أتعب حدا.. أنا لفيت أوربا خمسين مرة.. مارح أعرف أجي لوحدي يعني...

هتف حامد بمودة شديدة وهو يشد على يدها التي بجوار يده: أشلونش يمه.. أشلون مانع وعياله؟؟

همست بحنو: مانع بيسلم عليك.. ويحكي بس يلقى شوي فضاوة من شغله.. رح يجي يسلم عليك..

هز حامد كتفه: تلفونه يكفي.. وهو كلمني أمس..

فرات وقف وهو يهتف بحزم: أنا بخليكم براحتكم..
وأردف وهو متوجه للباب: حامد إذا احتجتني في شيء دق عليّ..

همست أم حامد بنبرة مقصودة: وليه يحتاجك وأنا موجودة؟!!

استدار فرات الذي كان قد وصل الباب ونظر نحوها نظرة قارصة وهو يهتف ببرود مدروس:
على أساس إنش أنتي أو مانع خليتم مشاريعكم في الدوحة وجيتم ركض عنده مثلا؟!!..

همست أم حامد بغضب: أنا ومانع لسه عرفنا بموضوع إصابته..

التزم فرات الصمت لا يريد أن يقول أمام حامد أنه أخبر أخاه مانع بإصابته منذ اليوم الأول.. فقط من أجل مشاعر حامد..
لا يعلم إذا كان مانعا أخبرها أو لا..
لكن على كلا الحالين كان فرات متأكدا أن لا أحد منهما قد يقطع مشاريعه ويأتي.. ولم يضع ذلك في حساباته أبدا..
ولكنه من باب الواجب أخبر مانعا وطلب منه إخبار والدته... لأنه كان يعلم محبة حامد الكبيرة لأمه حتى مع بعدها عنه..وأنه لابد يريد أن يراها..

فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن