فضاءات اليأس والأمل/ الجزء الثاني والعشرون
أميرة تهمس بأنفاسها المتطايرة وكلماتها المتقاطعة والدموع تكاد تقفز من عينيها:
أنا رحــــ ـــت.. رحــــــت بساعدها.. بساعدها.. باب مطبخهم قزاز من فوق..
تخيلي جليلة تخيلي يمــــه يمــــــه...
شفت الباكستاني اللي شفناه برا.. داخل من باب المطبخ الوراني.. شايل أغراض..
خذتها منه وحبته على رأسه.. أعوذ بالله أعوذ بالله..
خلينا نروح.. ما أبي أقعد معها..تكفين خلينا نروح.. خلينا نروح..حينها ابتسمت الجليلة وهي تأخذ صورة في برواز على طاولة جانبية كانت دققت فيها بعد خروج أميرة لأنها لفتت انتباهها بقوة..
أدارتها ناحية أميرة وهي تهمس بثقة بذات الابتسامة الواسعة التي كادت أن تتحول لضحكة:
تقصدين الباكستاني ذا؟!كانت الصورة لفرات مبتسما ابتسامة بدت غريبة للجليلة.. فهي لم تراه مبتسما أبدا من قبل..
وبجواره الباكستاني إياه في تمام أناقته في بشت أسود في حفل يبدو كأنه حفل تخرج..
وتبدو ملامحه التي لم يدققوا فيها سابقا بتفاصيل واضحة..
وسامة غريبة عن المعتاد في شبهه بوالده لكن ببشرة بيضاء لوحتها الشمس .. عينان خضراوان وشعر أشقر ذهبي بدا واضحا من تحت انسياب الغترة..
ومع غرابة اجتماع هذه الملامح الغربيّة مع اللباس التقليدي إلا أنها بدت عنده متآلفة جدا بشكل صميمي..أميرة شدت الصورة بقوة وصدمة وهي تمسكها بيديها الاثنتين وتقربها منها لتدقق فيها.. وعيناها تتسعان وهي عاجزة عن الفهم..
قاطعها وأحرجها بشدة صوت مي تقول بمودة: هذا إبي مع إخي حمد في حفل تخرجه من الثانوية العامة قبل ثلاث سنين..
ثم أردفت بابتسامة: حمد طلع صوب أمي الله يرحمها وأنا صوب إبي..
البعض يظنون إني كنت أتمنى لو خذت الشقار أو العيون الملونة..
وأنا بالعكس أحمد ربي على شكلي..اشتعل وجه أميرة احمرارا من الموقف كله.. وشعرت أنها ستبكي فعلا من حرجها وسوء ظنها..
وانحرجت أكثر أن مي دخلت والصورة بين يديها.. كانت محرجة لأقصى درجات الإحراج..بينما همست الجليلة بمودة: أنتي حلوة وتجننين على أي شكل..
مي همست بخجل رقيق وهي تتناول دلة القهوة لتصب للجليلة:
بعد إذنكم بعض الأكل وديته المجالس.. لأنه واجد.. حرام.. في المجلس بيأكلونه الرياجيل والعمال..الجليلة بذات المودة الرقيقة الواثقة: كيفش فيه ياحبيبتي.. هذا الأكل كله لش لا تشاورين فيه..
ابتسمت مي بتقدير: أنا وحمد ذقنا واستخفينا عليه.. عمرنا ماذقنا أكل كذا.. حمد أصلا استولى على كم حرّارة وخذهم معه المجلس..
(الحرّارة وعاء يحفظ الطعام حارا لساعات)

أنت تقرأ
فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطر
Romanceفضاءات اليأس والأمل للكاتبة : أنفاس قطر قراءة ممتعة للجميع مستمرة موعد التنزيل كل احد وثلاثاء وخميس وسبت