40(2)

833 8 1
                                    

فضاءات اليأس والأمل / الجزئية الثانية المكملة للجزء الأربعين

" دكتورة وش اللي صار في صيتة؟؟...
وش اللي صار بالضبط معها؟؟"

زفرت الدكتورة وهي ترد على الجليلة برسمية تخفي خلفها إحساسا كبيرا بالأسى:
مثل ماقلت لك قبل...انهيار عصبي...
أنا مش عارفة كيف تحملت كل هذا بدون علاج نفسي؟!!...
اللي مرت فيه يهد جبال...
كان لازم تتكلم... عشان تتخلص من الكبت والألم والضغط اللي داخلها...
بس تأخرت تأخرت كثير...
وخصوصا إنه بعد ما مات صقر تعرضت لضغوط كبيرة جدا.. في فراق بنتها ورعايتها لابن صاحبتها..
وفي زواجها مرة ثانية غصبا عنها وهي تنجبر تخون وعدها لصقر من وجهة نظرها...

أنا على كل حال رح أظل متابعة حالتها مع دكاترة المستشفى لحد ما تتحسن إن شاء الله، ثم نكمل الجلسات..

الطبيبة غادرت الجليلة التي كانت تقف معها خارج غرفة صيتة...
زفرت الجليلة وهي تعود لداخل الغرفة..
حيث أم متعب وأختها أم سعود وفهدة الكبرى.. ومها وبثينة..
والهنوف والبندري..
وفـــــهـــدة...

فهدة التي كانت تجلس بجوار سرير أمها وهي تضع ذراعيها على طرف السرير وتسند رأسها إليهما وهي تخفيه بينهما..
منذ دخول والدتها المستشفى وهي إما تفعل ذلك..
أو تقف وهي تنظر لوجه والدتها بتمعن كأنها تبحث عن شيء غير معلوم..
أو حينما يقل عدد الزوار تصعد إلى جوار والدتها على السرير وهي تتكور في حضنها وتضم ذراعها قريبا من صدرها..
وفي كل الأوضاع كانت تغرق في صمت غريب وترفض مغادرة جوار أمها لأي سبب كان...
الأمر الذي أثار قلق الجميع على فهدة وهم يحاولون أن يأخذوها لأي مكان ولكنها كانت ترفض بشدة..

*********************************

" قولي لي كيف بنت عمش؟؟"

هزت الجليلة كتفيها وهي تزفر بحزن شفاف:
تعبانة يا فرات... تعبانة جدا...

كان شهاب هو من أخبر فرات بدخول صيتة للمستشفى... وأخبره أنها مقربة جدا للجليلة..
فوجد فرات نفسه مجبرا على أن يتنازل عن رسميته التي اتخذها شعارا وأسلوبا طيلة الأسابيع الماضية..
فهذا أمر إنساني.. وهذه زوجته... ويعترف لنفسه أو ربما يرفض الاعتراف أن نبرة الحزن في صوتها قلبت كيانه رغما عنه... هتف باهتمام:
ما تحسنت؟؟

همست الجليلة باختناق رغما عنها: أبدا...
مكتئبة اكتئاب شديد.. ما تتكلم.. وما تأكل أبدا ... ولو جبرناها تأكل لو شيء بسيط... ترجعه فورا...

حينها همست باختناق أشد: ممكن أسكر فرات؟

علم فرات أنها تبكي... لم يتخيل أن الجليلة قد تبكي...لم يتخيل أبدا أن هذه المرأة القوية تبكي..
كان جالسا فوقف... لم يستطع أن يسترخي ويجلس وهو يعلم أنها تبكي..
هتف بحزم: لا مارح تسكرين...
تبين تبكين؟!!... ابكي عندي أنا... ما تبكين عند غيري..

فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن