41(2)

1.8K 13 3
                                    

فضاءات اليأس والأمل/ الجزئية الثانية المكملة للجزء الحادي والأربعين

صباح لندن..

قطعت مزنة حبل الصمت حين همست بسكون شديد تخفي خلفه ألما لا يحتمل ينتشر في كل جسمها:
دكتور شهاب..

تدارك نفسه قبل أن يقول (لــبــيــه)...
كانت على طرف لسانه وعلى وشك الانفلات..
زفر بارتياح أنه أمسكها ولا يعلم أصلا لماذا كان سيقولها...
رد بحزم وعيناه مازالت مثبتتان على الطاولة: نعم...

لم تقل مزنة شيئا لأنها قبل أن تتكلم فوجئت بيد ثقيلة على عضدها تشدها لأعلى و الشرطية تقول بحزم:
إلى الزنزانة...
انتهى وقتكما...

كان شهاب قد وقف بحزم حين رأى الشرطية أوقفت مزنة، يريد أن يقول لها إنها لن تأخذها..
ولكن مزنة لم تترك له مجالا للكلام.. فكل ثباتها تبخر..
وهي تعود للاستنجاد رعبا مما ينتظرها في الزنزانة وشهقاتها تتعالى بهستيرية:
تكفى يا شهاب تكفى..أنت وعدتني ماتخليني..
إلا الزنزانة إلا الزنزانة..
أنا في وجهك لا تخليهم يأخذوني..
أي مكان إلا الزنزانة.. أي مكان إلا الزنزانة..
أنت وعدتني.. تكفى..

الشرطية سحبتها قليلا.. حينها أمسكت مزنة معصم شهاب بقوة بيديها الاثنتين.. قدر ماسمحت لها قيودها وأوجاع جسدها وهي تئن..
فالرعب والألم أوقفا تفكيرها.. صرخت وهي تبكي بهستيرية:
تكفى يا شهاب تكفى.. إلا الزنزانة أحب رجلك... إلا الزنزانة..
طالبتك لا تخليني...

شعر شهاب بكهرباء قوة مليون فولت تجتاح جسده كله مع إمساكها لمعصمه..
ومع سحب الشرطية لها من الخلف.. ارتفعت أكمامها قليلا وهي تئن بقوة من الألم..
فرأى معصميها مزرقين مكان القيد.. مع وجود كدمات متفرقة مازالت حمراء.. لقرب حدوثها..
حينها كاد شهاب يجن وهو يسحب مزنة بقوة من يدي الشرطية ويخفيها خلفه ويهتف بحزم مرعب وعيناه تنقلبان غضبا كاسحا:
أقسم أن أغلق سجنكم هذا.. ماذا فعلتم بها أيها المتوحشون؟ ماذا فعلتم بها؟
سأرفع عليكم قضية إساءة معاملة..وأصعدها لأعلى مستوى..

الشرطية تأخرت بجزع: سيدي نحن لم نفعل بها شيئا..
ثم أردفت وهي تمد يدها: وأرجوك اسمح لي بإعادة السجينة إلى زنزانتها..

مزنة حين سمعت (الزنزانة) دفنت رأسها في ظهر شهاب وهي تبكي بهستيرية غير معقولة، لم تعد آلام جسدها تهمها في مقابل ما ينتظرها في الزنزانة:
إلا الزنزانة إلا الزنزانة..
أحب رجلك ياشهاب إلا الزنزانة..

شهاب شعر بتفجر قنبلة في منتصف ظهره حيث أخفت رأسها..
عروق جسده كلها انشدت للحد الأقصى وهو يكاد يجن من استنجادها غير الطبيعي به..
وهو متيقن أن في تلك الزنزانة اللعينة ما يقتلها رعبا..

فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن