7

1.3K 19 0
                                    

فضاءات اليأس والأمل / الجزء السابع

همس خالد بتثاقل تكاد أنفاسه فيه تذهب حسرات وهو يستعد لفتح بابه لينزل دون تفكير: الجازي.. صح؟؟

تهمس دانة برجاء عميق وهي تمسك بمعصم خالد وتشده إليها بقوة لتمنعه في النزول: منت بصاحي.. خالد تكفى ما تنزل.. طالبتك يا أختك!!

خالد يستعيد سيطرته على تصرفاته الظاهرة وليس على ما في داخله.. فداخله يذوب يذوب بكل معنى الكلمة..
آخر مرة رأى (زولها فقط) كانت قبل أكثر من عامين.. استوى من الشوق.. استوى تماما..
هذا لو كان قد بقي فيه ما يستوي.. وكل مافيه بات رمادا من حرائق الشوق..

هتف بحزمه الظاهري/ ذوبانه الداخلي: أنا اللي طالبش يا أخيش..أنا أكون موب صاحي لو مانزلت..

قالها وهو يخلص يدها من معصمه برفق..
وينزل من سيارته بحزم في خطوات سريعة متوجها للسيارة الأخرى..

في حـــيــنــــها..

كانت الجازي مشغولة في هاتفها من قبل أن تصل إلى البيت..
لذا لم تنتبه إلى سيارة خالد إطلاقا ، ولذا أيضا تأخرت قليلا في النزول من السيارة..
وكانت تستعد للنزول حين فوجئت بالجسد الضخم الذي سد عليها فرجة الباب بالكامل

رفعت عينيها بجزع لترى من هذا..
ليتحول الجزع إلى رعب حقيقي صِرف.. مختلط بخجل عميق.. محاط بأسى أعمق.. وحرقة أعمق وأعمق..
عيناها تعلقت بعينيه دون أن تستطيع أن ترمش أو تغلق عينيها لجزء من الثانية..
وهي تهمس باختناق مصدوم بصوت شديد الخفوت لم يستطع تجاوز حنجرتها حتى يسمعه سواها :
خــــــــالـــــــــــد..

وهــــــــو..
لأول مرة يكون بهذا القرب الحميم منها بعد ست سنوات عِجاف، بعد محاولتها الطفولية الاختباء خلفه خوفا من شقيقها محمد قبل ست سنوات كاملة..
المحاولة التي أذابت قلبه وهو مازال في أول طريق العشق.. فكيف وهو الآن في آخر الطريق.. وماعاد لعشقه لها مقياس ولا نهايات؟!!
حينما يتذكر تلك الذكرى الأثيرة يشعر أن عضديه يحترقان مكان لمستها الأبدية، حينما وضعت كفيها عليهما وهي تختبئ خلفه من محمد..
أما تلك الذكرى المقيتة.. ذكرى ضربه لها قبل خمس سنوات.. فلا يعتبرها لمسة ولا بأي نوع.. فهو كان فاقدا لعقله تماما..
لا يتذكر حتى ما الذي فعله بها.. كان يسيره غضبه الأسود المدمر..

لـــكــنـــه الآن يقف أمامها بكامل وعيه..
وفي ذات الوقت يشعر كما لو كان دائخا بغير وعي.
كان يشرب بولع نظرات عينيها الجزعتين التي تطل عليه عبر فتحات نقابها، كان يتنفس قربها بكل عطش الكون، فروحه أجدبت انتظارا لقربها الذي شحت به عليه..

فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن