17

1K 15 4
                                    

فضاءات اليأس والأمل/ الجزء السابع عشر

تنهد تركي بوجع.. وهو يستعيد ماحدث قبل 4 سنوات..
وكان سببا رئيسيا في استعجال صيتة في إرجاع فهدة إلى الدوحة..

واشنطن قبل أربع سنوات..

كانت صيتة لا تترك فهدة إطلاقا.. والوقت الذي تقضيه في المستشفى كانت تحضرها معها..
وكانت تدرسها بنفسها.. علمتها الأحرف والكتابة والقراءة والقرآن..
كانتا تقومان بالكثير من الأنشطة معا.. ترسمان وتلونان وتلعبان..

وكانت لا ترى ضرورة لذهابها للمدرسة لأنها متفرغة لتدريسها..
وكانت تتبع في ذلك نظام كثير من الأمريكيين الذي يمارسون مايسمى
Home Schooling
ويعلمون أولادهم في البيت.. وهو نظام شائع جدا للتعليم في أمريكا..
وهناك حاليا أكثر من مليونين طفل أمريكي يتعلمون في المنزل.. وأعدادهم في تزايد عاما بعد عام..
ويتبعون في ذلك أساليب مدروسة تماما للتعليم اعتمادا على التعليم الفردي واللا مدرسية وتكثيف الأنشطة..

وكان في بال صيتة إلى جوار ذلك أنها ستدرس فهدة المناهج القطرية العام المقبل..
وتعيدها لقطر مع تركي في فترة امتحانات الدور الثاني حتى تمتحن وتعود معه بعد نهاية الصيف..

ولكن ما أفسد كل مخططاتها أن كان هناك من أبلغ مؤسسة الرعاية الاجتماعية الأمريكية
أن في المستشفى طفلة في عمر التمدرس ولكنها لا تذهب للمدرسة.. لا تعيش ظروفا طبيعية..
فهي شبه محجوزة في المستشفى.. ولا تمارس
حقوقها المشروعة كطفلة.. كاللعب والاختلاط مع الأطفال الآخرين..
ففوجئت صيتة بل صُعقت بزيارتهم لها في المستشفى..
في البدء كانت الزيارة ودية...
لكنها بعد ذلك بدأت تأخذ صور أكثر جرأة.. وبدأوا يستجوبون فهدة: هل أنتِ سعيدة؟
هل يحسنون معاملتك؟ هل تأكلين طعاما جيدا؟ هل تلعبين مع الأطفال الآخرين؟
هل تذهبين للحديقة والألعاب؟؟

بعدها حاولت صيتة أن تتركها في البيت وترتب لها من يرافقها في الوقت الذي يكون سند في العمل وهي في المستشفى..
ولكن كانت صيتة تعاني من رعب حقيقي وابنتها مع امرأة لا تثق فيها..
فكانت في معظم الأوقات تتصل بتركي وترجوه أن يذهب إلى البيت.. ليطمئن على فهدة..
فيضطر لترك محاضراته والذهاب لفهدة..
وفي إحدى المرات اكتشف أن جليستها تركتها وحيدة وخرجت لتحضر بعض الأشياء..
وجليسة أخرى أخذتها معها لمقابلة صديقها..
رغم أن صيتة كانت تختارهم بعناية شديدة عربيات مسلمات أو مسلمات من جنسيات أخرى..

حينها توقفت صيتة عن إحضار أي أحد.. وعادت لإحضارها معها للمستشفى..
فعادت زيارات الرعاية الاجتماعية تتكثف من جديد.. وبدأت فهدة تخاف كثيرا منهم ومن صرامتهم وأسئلتهم..
وتبكي حينما تراهم..
وهم يظنون أنها تبكي خائفة من أهلها..

فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن