10

1K 14 0
                                    

فضاءات اليأس والأمل/ الجزء العاشر

صـــيــف الــــدوحة قــبل خــمــســة أعـــوام..

كان الوقت بعد منتصف الليل..
الجو حار و الرطوبة خــــانـــقــة..
ويشعر أن بداخله ماهو أكثر اختناقا..
يشعر كما لو أن الرطوبة تتمدد داخل روحه شديدة اللزوجة والمرارة ..
ويشعر كما لو أن روحه ستُزهق..
رغم أنه بداخل سيارته وجهاز التكييف يعمل بكفاءة عالية..

كان قد أنزل سالم في بيته قبل دقيقتين..
ولا يعلم لماذا يشعر بهذا الانقباض المرعب.. يشعر أن أنفاسه التي يسحبها لداخل صدره
أشبه ما تكون بأمواس حادة تشرّح صدره تشريحا في شهيقه و زفيره..

ربما تذكر الحادث سيء الذكر الذي حصل لهم قبل أكثر من عام..
وخصوصا أنهم هم نفسهم الأربعة كانوا فيه..
فهاهو يعود من السعودية على طريق البر..
ويعود سريعا من أجل أن يُعيد سالم.. الذي اتصلت به زوجته وأخبرته أنها ستلد..
بينما محمد وجبر بقيا خلفهما.. وسيعودان حسب مخططهم دون تغيير.. بعد غد..

"أعوذ بالله من ضيقة الصدر
يا الله وش ذا الضيقة اللي عمري ما حسيت بها
يا الله سترك!!"

كان متوجها لمنزل أبناء عمه.. لأن محمد أوصاه أن يوصل بعض الأغراض
وينزلها في المجلس الخارجي..
وهو سيخبر المقهوي عنها في الصباح..

أوقف سيارته بداخل باحة البيت قريبا من المجلس..
والضيقة في داخله تزداد وتزداد.. وتتوسع.. يشعر أنه يختنق فعليا..
وأنفاسه تعلو وتهبط بصوت ملحوظ..

دخل إلى المجلس عبر بابه الداخلي المفتوح على باحة البيت..
لأن باب المجلس الخارجي كان مغلقا.. أغلقه المقهوي لأن محمد وسعود ليسا هنا والوقت متأخر..

حين دخل إلى المجلس انشرح خاطره بعض الشيء..
ابتسم وهو يتذكر الذكرى التي باتت الذكرى الأجمل في حياته حتى الآن..
قبل شهر من الآن:
والشيخ يقول: خالد بن هادي آل جرّاح
هل توافق على الجازي بنت سعيد آل جرّاح........ ؟!!
وهو يهتف بمرح وسعادة محلقين: إي بالله موافق وموافق وموافق..

ومن يومها أصبح اسمه عند الشباب محمد وسالم وجبر: خالد إي بالله موافق..
الاسم الذي لم يرافقه إلا لشهر واحد فقط.. فـــقـــط!

تنهد بعمق وهو ينظر للمجلس: هانت يا الجازي.. باقي على عرسنا شهرين..
يا الله الصبر من عندك!!

وضع الأغراض في المقلط قريبا من الباب المطل على باحة البيت..
وإحساس الضيقة يعود له بشكل أعنف وأعنف.. أزال غترته عن رأسه ووضعها على كتفه.. وحرر أعلى عنقه من جيب الثوب الذي شعر أنه يخنقه..
توجه للمغاسل وغسل وجهه عله يتحسن.. لكن احساس الاختناق لا يزول..
أدخل رأسه كاملا تحت المغسلة .. وهو يتعوذ من الشيطان.. رفع رأسه من تحت المغسلة
وتناول بعض المناديل الورقية .. وهو ينظر إلى انعكاس وجهه في المرآة وهو يجففه..
كان أعلاه مبتلا بالكامل وهو يتوجه لخارج المجلس..

فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن