34

1.1K 21 1
                                    

فضاءات اليأس والامل / الجزء الرابع والثلاثون

كان بود صيتة أن تأخذ فهدة معها.. كانت تحتاجها كدرع حماية..
ولكن بعد البارحة.. هناك الكثير من الأمور تحتاج للتصفية بينها وبين سند..
لذا لابد أن تقابله وحدها..

تنهدت وهي تنزل الدرجات تسحب قدميها سحبا.. وفي داخلها فجوة تلتهم روحها التهاما..
فتحت باب المجلس وهي تهمس بخفوت دون أن تنظر له بشكل مباشر:
السلام عليكم..

كان سند جالسا في صدر المجلس وعلى وجهه علائم التفكير العميق..
كان ينتظرها.. ويستعيد مرارا وتكرارا ماحدث بينهما البارحة..

مصدوم.. مصدوم مما قالته.. يشعر بالخيانة فعليا..
يشعر أن صيتة خانته.. فكيف تكون زوجته هو ومشاعرها لرجل آخر حتى ولو كان زوجها السابق المتوفى..

مثقل بالألم الذي لا حدود.. كان مستعدا لتقبل أي عذر لرفضها له مهما كانت قسوته.. إلا هذا العذر.. إلا هذا العذر..

رد عليها السلام بحزم دون أن ينظر ناحيتها أيضا.. ثم أردف:
صيتة اقعدي فيه كلام مهم أبي أقوله لش..
شد نفسا عميقا ثم ألقى قنبلته بثقة: أنا برجع واشنطن في غضون أيام إن شاء الله..

ارتعشت صيتة بقوة رعشة لم تظهر عليها.. انفجرت تلك الرعشة من منتصف صدرها لتنتقل لكل خلية في خلاياها..
شعرت أن قلبها سقط سقوطا مدويا في أسفل معدتها.. عجزت عن النطق والرد.. فأكمل كلامه بذات الحزم وهو ينظر إلى كفيه المشبوكتين:
عبود وضعه الصحي ممتاز الحمدالله.. وخواله ماشاء الله خمسة.. الثلاثة الكبار منهم كل واحد عنده عيال كبار رياجيل..
من يوم رجعنا من السفر وهم ما يخلوني أقعد عنده أساسا.. يتبادلون عليه.. وأحيانا ألاقي 4 و5 منهم ومن عيالهم عنده..
فهم قالوا لي إزهله.. حتى لو أنت موجود في الدوحة ماخليناك تقعد عنده.. لأنك كفيت ووفيت.. وصار دورنا نبر بأختنا الوحيدة وولدها..
وأنا عينت له بعد مرافق.. ممرض متخصص يكون معه 24 ساعة..
عشان أكلمه على طول ويطمني.. رح أرسل لش رقمه.. عشان يرتب لش الوضع إذا بتزورينه.. ويفضي لش المكان..

والسفارة في واشنطن كلموني إنهم محتاجيني ضروري ذا الكم شهر اللي بتجي..وعقب بيعطوني انفكاك نهائي منهم..
ولا تظنين إنه موقف أمس له علاقة.. لا والله العظيم.. هم كلموني قبل يومين.. وكنت أبي أرتب وضعي أنا وإياش قبل أسافر... بس....

كان سند يتكلم بينما صيتة تشعر أن داخلها نزيف بدأ ولن يتوقف.. وأن روحها تكاد تغادرها فعليا..
كانت تريد أن تقول (وأنا؟؟ أين أنا من كل هذا؟؟)
لكنها كانت تعلم أنه لا حق لها إطلاقا بطرح هذا السؤال.. وأنها بعد ماقالته البارحة لسند.. فقدت أي حق لها فيه..

فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن