11

1.5K 21 0
                                    

ولا حول ولا قوة إلا بالله
.
فضاءات اليأس والأمل/ الجزء الحادي عشر..

في وقت ما قبل صلاة الفجر.. رن هاتفها.. كانت مستغرقة في النوم..
وأيقظها الرنين المتكرر الشديد الإصرار..

ردت دون أن ترى الاسم أو الرقم وهي تهمس بصوت ناعس مثقل بالنوم:
ألو.. من..

لتتفاجئ بالاسم الذي جعل النوم كله يهرب والأدرينالين يرتفع لحدوده القصوى..
وصاحبه يهتف به كل ثقة وجبروت:

خــــــــالــــــــــــد.. ..

الجازي شهقت وهي تعتدل جالسة.. كحت والكلمات تجف على شفتيها.. وصوتها يخرج مبحوحا:
خالد.. فيه شيء؟؟

تنهد تنهيدة بحجم الكون وبداخله حرقة تتمدد.. صوتها.. يا صوتها.. قريب بعيد:
فيه أشياء يا بنت سعيد..موب شيء.. أشياء كثيرة..
والليلة لازم تسمعينها كلها..

الجازي رغم استغرابها من اتصاله.. لكنها ردت بحرقة:
أنا أبي أسمع شيء واحد بس.. أنت عارفه..

خالد بحزم موجوع: لا.. بتسمعين كل الأشياء اللي أبي أقولها.. كـــلـــها..
خمس سنين وأنا ساكت..
وأول هذي الأشياء.. تعرفين يا الجازي كم صار لرقمش مخزن عندي؟؟

الجازي بخجل وصدمة: ليه هو رقمي مخزن عندك؟؟

خالد ينزف هذه الليلة.. ينزف فعلا: له خمس سنين عندي..
تتخيلين كم مرة في هالخمس سنين طبعت لش رسالة ومسحتها؟!
كم مرة كنت على وشك أتصل لش ونهرت نفسي؟!!
كم مرة رقدت وأخر شيء أشوفه رقم تلفونش؟!!
تعرفين وش كثر ذا الشيء كان يذبح ويعذب.. لما القمع لنفسك يجي من نفسك؟!!

الجازي صمتت لوهلة.. ثم ردت بحزم خجول موجوع:
خالد الكلام ذا كله مأخوذ خيره.. ولا منه فايدة..
احنا بيننا وضع غير قابل للحل.. وحله الوحيد الطلاق..

رد عليها خالد بنبرته الحازمة التي باتت نبرته المعتاد ولكنها مع الجازي وللجازي اكتست بعدا شفافا بغرابة:
أنا قلت لش اسمعيني.. وأنا اللي متصل.. خلني أخلص كلامي.. وعقب أنا مستعد اسمعش للصبح..
ثم أردف كما لو كان يتوقف بين العبارات وهو يهمس بحرقة وبصوت خافت: مستعد اسمعش العمر كله..
عادت نبرة صوته لترتفع قليلا : الجازي.. تذكرين يوم كنتي في المستشفى قبل خمس سنين؟؟ جعل ما تنذكر..
تذكرين إنه طلعنا أنا وسعود من عندكم؟؟
ترا سعود كسر يدي في مواقف المستشفى.. ما أدري لو دريتي أو لا..
بس الأكيد إنش تذكرين إن إخيش ماكان فيه ولا خدش..
مع إني كان أقدر أكسر يده ورجله..
الجازي.. أنا لي خمس سنين.. مامديت أصبعي على حد..
أنا نذرت إنه عقبش ما أمد يدي على حد.. وإن أي شيء يجيني هو كفارة لش..
بس أنا صرت أخوف.. ماحد يستجري يفكر يمد يده علي..ولساني يكفي من يدي..
حوطت قلبي بالقسوة عشان أحميه.. لأن قلبي عقبش مافيه ذرة سالمة..

فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن