39(1)

1.2K 11 1
                                    

فضاءات اليأس والأمل / الجزئية الأولى من الجزء التاسع والثلاثون

غادروا جميعهم وتركوا الجازي...تنظر إلى عمها بوجع عميق..وتهمس له بوجع أعمق بكثير:
قل لي يبه متى تقوم وترجع مثل أول؟!!
أنا محتاجتك يبه..
من يوم دريت بتعبك.. وأنا تعبانة معك... تعبانة جدا..
أنا تعبانة قبل...
بس كل تعب مهما كان ما يقاس بذا التعب..وماله قيمة...
لا قدك طيب... كل الأمور تزين يبه.. كلها تزين...
تدري يبه.. تدري أنا وأنت بنتشارك نفس الروح..
جزء مني... بيعيش معك..
وتعيش فيه...
هذي أحلى وأعظم هدية باحصلها في عمري كله..
أعظم هدية.....شكرا لك يارب ألف شكر.. الحمدلله...

كانت الجازي تهذي بكثير من الكلمات لعمها حين فُتح الباب فجأة..
لتقع عينيها مباشرة
في عيني خــــالــــــد..

أنزل عينيه وهو يهتف باستعجال وحرج قبل أن يغلق الباب بسرعة:
السموحة يا بنت طالب السموحة..

الجازي تناولت نقابها وارتدته وهي تتساءل: شكل خالد ماعاد يشوف.. ومن هي بنت طالب ذي؟؟
معقولة ما عرفني؟! بس أحسن لا يدبل كبدي ويقول وش جايبش؟؟

وقف خالد في الخارج محرجا ..
كان قادما من اسكوتلانديارد.. يريد طمأنة والدته على مزنة، فهي أمنته أن يخبرها كيف وضع مزنة بالتفصيل فور خروجه منها..
ثم سيتوجه إلى الشقة القريبة من المستشفى حيث دانة وسعود..
ثم سيتوجه إلى الشقة القريبة من المستشفى حيث دانة وسعود..
ويأخذ في الوقت نفسه هاتفه الآخر الذي تركه عند والده..

كان عائدا من مزنة .. وكان يظن أن رؤيتها ستخفف عليه..
لكنها ضاعفت وجعه أضعافا مضاعفة..
حينما خرج من عندها.. وهو يتركها خلفه..
ولا يعلم متى يراها مرة أخرى..شعر أنه ترك قلبه خلفه..
كان مع التاكسي وهو لا يستطيع حتى أن يركز في أي شيء..
كان كل ما يتذكره دمعة رآها تتعلق على أطراف أهدابها وهو يقف عند الباب مغادرا وكانت تحاول أن تخفيها عنه..
ولكنه رآها.. رآها..
كلما تذكرها، شعر بالحريق يستعر في جوفه.. شعر أن خلاياه تشتعل بكل معنى الكلمة..
يشعر أنه يزفر هذه النار مع أنفاسه المقهورة..
سيموت من الكمد والقهر، يشعر أنه سيموت فعليا..

وهو في خضم هذه الأحاسيس.. يخشى الآن مقابلة دانة..
دانة بالذات لها مكانة خاصة عنده...لطالما شعر أنها توأمه أكثر من كونها أخته الكبيرة..
لا يعلم كيف سيخبرها بمصاب مزنة...
لن يحتمل حزنها.. ولا صدمتها..
لن يحتمل مقابلة دانة بعد مقابلة مزنة مباشرة..
فحمد الله أنه سيمر بأمه وأبيه أولا، فرؤيتهما ستهدئ نفسه الملتاعة المثقلة بالهم والحزن...

كان يعبر ممرات المستشفى شاردا.. حزينا.. مهموما.. مشغولا...
حين وصل الباب.. فتحه بهذه المشاعر..
رأى امرأة جوار والده..
لم يكن ينظر إليها حتى.. فعينيه عليها غشاوة سميكة من الهم والحزن..
كل ماخطر في باله أنه قد تكون أخت شهاب..
لذا اعتذر منها وأغلق الباب..

فضاءات اليأس والأمل / للكاتبة : أنفاس قطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن