٠٠١

108 6 147
                                    



شتان ما بين عالمين، عائلة في نعيم الأموال تمكث، تتجر طوال حياتها لأجل هدفها الأسمى، وهو العلو في الدُنيا مراتبها الأرفع، ما تعرف من معاناة الدُنيا شيئًا إلا سوء مزاج أو صفقة خاسرة أو عشاء سيء المذاق، ورُبما يعيشون طوال حياتهم لست أو سبع عقود فيمرون من هذه الدنيا مرور الكرام مرورًا دسمًا وما يعرفون مصيرهم وراء ذلك إلا موتًا عبثيًا أو جحيمًا مُستحقًا..

قد تجد أسمهم على القمة في الوثائق الأنسانية من حيث التبرع لملاجئ لايواء الحيوان أو مؤسسات لحفظ البيئة رُبما أو تبني حالة أنسانية وسدّ قلة من حاجة المستشفيات، ولكنها كُلها تندرج في النهاية كصفقة مُربحة لهم، وهذه تُضاف لتجارتهم المتعلقة ببيع السلاح التي وإن حُصِرت في نطاق الأسلحة الخفيفة وكانت الجيوش ومراكز الشرطة زبونهم الأساسي لكنهم كانوا يلقبون أحيانًا كثيرة بـ "تُجار الموت"!

وقد يلقي أحدهم نظرة مطولة في حياتهم أملًا في تصيد الأخطاء أو المخالفات القانونية رُبما، لكنه لن يعثر سوى على سجل جرائم خالي من الهفوات أو الزلات... بمعيار الحكومات.

وعلى الجانب النقيض لهذه الحياة المليئة بالاضواء كان هنالك من يدنو رأسه للأرض فيصلي كأنه حامل ذنوب البلد كُلها فوق ظهره، والحال إنه لم يكن بعيدًا عن تلك العائلة كثيرًا.. فدمهم يجري في عروقه! لكن كيف عاملته الحياة بكُل هذه الأختلاف؟


-كاي.. لا يجب أن تكون أول من يدخل ويغادر المسجد دومًا.. ديننا يسير ورحمة الله واسعة!

ينصحهُ اقرب شخصٍ صار له، ينصحه باستمرار وهو على حيرة من أمره، وكثير من الأحيان كان يدعو له أن يفرج الله همّه ويحرره من هذه الأزمة، لكن أزمته لم تنتهي منذ اللحظة التي تركته أمه في هذه الحياة وحيدًا..

-لا بأس يا دانيال لا ضير في القليل من العبادة.. فأننا مقصرون.
يجيبه وهو يربت على يديه، ثم ينهضان ويغادران المسجد آخر الناس، ولمَّا يصلان البوابة يفترقان إلى طرق مُختلفة بعد أن ودع أحدهما الآخر، فودعه دانيال وداعًا خاصًا هذه المرة:

أسأل الله أن يحمي قلبك دائما يا كاي... ويهبك القوة.

مشى كاي سالكًا طرقًا متعرجة للوصول إلى شقته، ووسط ذلك الظلام لاحظ أن نور البدر بازخًا هذه الليلة، عبر المنعطف الثاني عندما بدأ يسمع أصوات خطوات سريعة وصرخة خاطفة فالتفت فورًا ووقف مكانه يترقب ما يحصل.. كانت مخاوفه التي يعود عمرها لخمس سنين ماضية هي من أشعلت تركيزه لحظتها.. ولم يترك الأمر يمر حتى بعدما اختفى الصوت للحظات متواصلة..

وهكذا سار بأتجاه الصوت حتى رأى أصل الموقف، كانت فتاة تحاول أن تنجو من رجل سكرانًا يواجه صعوبة في المشي ثابتًا، فلما حاول سحب تلك الفتاة عنوة لم يستطيع هو منع نفسه من التدخل وهبّ مسرعًا لدفع يده قبل وصوله لها..

لَعْنــة فـالْتـَـردُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن