كان ذلك كثيرًا عليه، أستصعب كُل ما حصل! في حين إنه منذ دقائق فقط لم يكن مستعدًا لمسامحة والده ولا حتى البقاء هنا لحظة واحدة فكيف بلعب دور العائلة مع أناس مثلهم؟ إنهم ليسوا غرباء عنه بطريقة التنشئة والتصرفات والثقافة والإخلاق وحسب بل حتى لو رآهم في الشارع صدفة لحمد الله إنهم ليسوا عائلته..كان يظن أن لا شيء بأمكانه جعله يتراجع... وإنه لن يسامح والده يومًا، لكن.. والده قد لمسه من نقطة ضُعفه بطريقة خالية من المراعاة.. والده حسم الأمر ببضعة محادثات في الهاتف!
تأسف منه وبرر له: أسف لأضطراري على هذا.. ولكن.. هذا كلام والدتك، لقد أرسلت لي هذه الرسائل قبل يوم واحد من وفاتها.. هي تقول..
لم يكن قادرًا على تحمل كُل هذا دفعة واحدة، وطلب من والده ألتزام الصمت لتركه يستوعب ما يحصل.. كان هذا يحمل دلالات خطيرة بالنسبة له.. كون والدته طلبت من والده أخذه للعيش معه أن حصل لها شيئًا سيىًا ذلك أنما يدل على أنها كانت تعرف ما سيحصل لها! لكن كيف؟
كيف كان يعيش معها ولم يكن يدرك أي شيء! كره نفسه وأحس إنه لا يختلف ذرة عن أبيه الذي تمنى طوال حياته ألا يشبهه! والده الذي أستمر بالتأسف منه وهو يقول:
لم يكن بيدي أي حيلة أخرى.. لم أكن أود استخدام هذه المحادثات بهذه الطريقة يومًا.. ولكنك لم تترك لي أي خيارًا آخر بني!
كان هنالك سؤالًا واحدًا يدور في عقله منذ أن وعى على هذه الحياة، وذاته السؤال هو من واجهه في خضم أفكاره تلك اللحظة، أحس أن والده قد حرث حقل آلامه لجعله خصبًا من جديد لأنتاج مزيدًا من الألم! ولكن السؤال هو: لماذا؟
-لأنني مريض..!
كان يشعر لحظتها أن كُل شيء قد أتحده ضده في هذه اللحظة، إنه في تلك اللحظة سُلبت منه كُل قواه ووعوده لنفسه وأنتصر الجانب الضعيف منه! كيف يتعاطف مع أب لم يمارس له الأبوة بالشكل الصحيح؟
-أين المخرج لهذا المبنى!
تمتم غاضبًا بعدما مشى ومشى في الممرات باحثًا عن الباب الذي بأمكانه سلكه لأنهاء كُل هذا والخروج ولكنه ما عثر عليه مهما بحث!دقيقتين! لم يستطيع الصمود مع هذا الواقع لدقيقتين.. ولم يستطيع البقاء على ذات الطاولة مع عائلته المزعومة لدقيقتين أيضًا! ولم يستطيع منع نفسه من محاولة الهروب أكثر من مجرد دقيقتين! كُل الوقت الذي أستطاع الصمود فيه هو دقيقتان لا غير!
-بني! بني..
سمع صوته من خلفه وهو ينادي، سمع أصواتهما، جده ووالده اللذان ما تركا ياقته منذ أن جلباه إلى هذا المكان كانا قد تبعانه بعدما غادر تلك الطاولة غاضبًا، ولما أدرك وجودها خلفه وعرف إنهما لن يتركانه وشأنه بهذه السهولة حملّ هذا الهمّ، حمل همّ أن يرفض طلبًا لمريض.. وهذا المريض هو والده! فكيف هو قادر على تذكر أبوة لا وجود لها!
أنت تقرأ
لَعْنــة فـالْتـَـردُو
Romanceوَيحدث أن تعيش كارهًا لشخصٍ ثُمَّ عندما تلتقيه تُدرك إن عمركَ مضى بأكذوبة! . . . . بدأت: ٢٠٢٤/٧/٢٣م . . أنتهت: ٠٠٠٠/٠٠/٠٠م