٠١٢

52 6 195
                                    


دخلت جيزيل غرفة أبنها وأَنارَت أضواء الغرفة وَراحت تنظر لأبنها النائم في حالٍ مُزرٍ على سريره، فتنهَّدت بهَمٍّ ثُمَّ اُتَّجهت ناحية سريره ورأته يعانق بطانيته بأطرافه الأربعة فسحبتها منه بقُوَّةٍ أدت إِلى اِستيقظه متفاجئًا لكونه قد تدحرج ناحية الطرف الثاني للسرير وعندما يلمح أُمَّه واقفة فوق رأسه ينهض بسرعة وعلى وجهه ملامح التفاجؤ والخجل، هَزَّت جيزيل رأسها وناظرته بخَيْبَة لتسأله:

أهَكَذَا تنوي إسعادي يا سيمون؟

-أُمّي..
حاول التحدُّث رَّغْم إنَّه لم يكن يملك ما يقوله لّكِنَ جيزيل تواصل وتقاطعه معاتبة: حال جون واضع مُنذ البداية.. والآن ما حدث مع أختك بسبب الحفيد المُبجَّل للسَيِّد فالتر! والآن أنتَ تتصرف بهذه الطريقة! لقد مرَّت ثلاثة أيام منذ مجيئه للمنزل ولم يحدث له شيئًا سوى إنه في كُلِّ يوم يفرض سيطرته أكثر! في الأمس أتَّهم زوج أختك بتِلك التهمة السخيفة وفي الغد قد يتهمني أنا أيضًا بشيءٍ أكثر سخافةً!

كلمات جيزيل كانتْ كفيلة لجعل سيهون يدخل أقصى مراحل الندم ولوم النفسِ! لم يكن إِحساس الخذلان هُوَ ما أرادَ تقديمه لوالدته بل كانت أُمْنِيَّته دومًا هِيَ سعادتها وسعادة أخوانه الأصغر! فأنه منذ أن وعى على حياته وَهُوَ يعتبر نفسه مسؤولاً وملزمًا بذلك! لذا فهِيَ تُشير الآن لنقطة لامست ضميره من عمق، وجعلته ينظر لوالدته نظرة ضعيفة ليقول:

أنا أسف أُمّي.. أعدكِ إنني لن أسمح بحدوث هَكَذَا شيء..

يلين عتاب جيزيل لرؤيتها لندم أبنها وتقديمه لها الاعْتِذار فعرفت إنه أَدْرك الأمور الآن، لهذَا تجلس على السرير بجانبه وتلمس خده لمسةً حنونةً ثُمَّ تربِّت على رأسه وَهَكَذَا تُسمعه مديحًا يخالف لومها له منذ لحظات:

سيمون، بني.. أذكى شخص أنجبه آل فالتردو، في داخلك الكثير من المميزات، أنا أراها.. لَكِنَ الأخرون مثل جَدِّكَ وَوالدكَ لا يرونها!.. لهذا أنا حريصة على التصرُّفَ معكَ بصرامة دومًا! أنا أُريد لكَ الأفضل دائما! أريدكَ أن تقود هذِهِ العائلة من بعد والدك وجدك!

-لَكِنَ أمي..
كانت هُنالك جُملة دومًا ما تجلس على قلب سيهون، يَوَدّ لو يصارح والدته بها، يَوَدّ لو يومًا يكون بأمكانه تحرير نفسه من هذِهِ المسؤولية، يشجِّع نفسه للحديث! لَكِنَه في كُلِّ مرَّة يفشل لنظرة تنظر له والدته بها بفخر بانْتظار سماع كلماته الَّتي يتعهد بها لها إنه سيكون عند توقعاتها! فيضطر وفي اللحظة الأخيرة على تغيير رغباته وجعلها ملازمة ومتوافقة مع رغباته والدته فيقول:

سأفعل ذَلِكَ يا أمّي.. سأحمي أخوتي وأقدّم لهم حياةً جيدةً، سأستمع لجدي ولن أغضبه بعد الآن.. وسأتصرف كما علمتني..

تبتسم جيزيل فخورة بهذا الأبن المطيع الَّذي صنعته عمرها كُلَّه وصار بالنسبة لها غنيمة أيامها الَّتي تُعلّق كُلِّ آمالها عليه، فتجيبه مُشجعة إياه أكثر:

لَعْنــة فـالْتـَـردُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن