٠١٧

561 32 231
                                    


كانت مربطة على كرسي، تناظره نظرة عتاب وكأنها تسأله "لماذا لم تجيب على اِتّصالي؟" شعر بالندم لأنه تجاهل ذَلِكَ الاِتّصال، أدرك إنه كان بأمكانه منع ذَلِكَ! وَلَكِنَه الآن يجرها وسيهون إلى هَكَذَا موقف بسبب كره هذا الرجل غير المبرر له ربما! يطلب منه التوقيع على أوراق لن تقتله -وَالقتل أهون بالنسبة له- لَكِنها ستجعله يتعفن في السجن! بنفس أُسلوب يعرفه جيدًا..

-أنظرو لنظرات العشاق هذِهِ، هُوَ حَتَّى لم ينظر لأخيه، لا يمكنني تحمل هذا..
دخل صوت أدريان مثل ذبابة مزعجة لسمعهما، أيقظته مما يفعله فأَشاحَ ببصره بعيدًا وَنَظَرَ ناحية الورقة وفكر لعدَّة دقائق إنه يقترف خطئًا بهذا..

-أيستغرق اِتّخاذ القرار كُلِّ هذا الوقت؟
طرح عليه سؤالًا من جديد، لَكِنه بدا أقل صبرًا هذِهِ المرَّة، رفع كاي أنظاره عن الورقة وناظره بدلًا عنها، ليطرح عليه سؤالًا: هَلْ أرسلكَ جوسلر؟

اِرتفع حاجبي أدريان إعجابًا بسبب ذكاء كاي، لَكِنه لم يشعر بأي نوع من الاستغراب أو التوتر فعلى العكس وَبشكل ساذج جدًا ظنّ إن إدراكه لهذا في مثل هَكَذَا موقف صعب لن يغير شيئًا في المعادلة، وَللتأكد من إن أيَّ شيء لن يمنعه من التوقيع اِتّجه للوقف في المنتصف بين سيهون وجيني وفرد كلتي يديه موجهًا بمسدسين ناحية رأسيهما وَهُوَ يصعب عليه الموقف:

لهذا السبب بالذات يعجبني ذكائك! لذا هيّا وقع الآن، سيكلفك الأمر حياة شخصين! ها أنا ذا أُخبرك.. وأنا أدرك إنك لن تستطيع مسامحة نفسك إطلاقًا لو حدث هذَا... صحيح؟ لذا أختار، نفسكَ أم ضميركَ؟

رفع صوت وَشدَّدَ على حروفه بقسوةٍ مريرة، كان يتحدث عن كاي بطريقة كأنه يعرفه جيدًا.. وقد أصابه من العمق، كيف يُمكن لرجلٍ غريب مثله أن يشق شغافه لجملة قالها؟ كَيف يجعله يواجه من جديد شيء لطالما أراد نسيانه؟ أمُّه! يكابد ألم فقدانها وتأنيب النفس منذ اليوم الَّذي عرف فيه إنه كان المقصود في محاولة القتل تِلَك! كان من عليه الموت.. لَكِن الموت سرق حياته من جسد! أخذ أمُّه منه!

تتشقق الدموع في بياض عينيه الَّتي غدت مُحمرة.. قبض على تلك الورقة وصارت بين يديه مثل كومة من المشاعر السلبية! صار في داخله غضبٍ شديد! لَكِنه سبق وتجاوز تلك المرحلة! يستوعب فيزفر لثانية.. ثُمَّ يعود ويكتم أنفاسه من جديد! كيف بأمكانه تخطي ذَلِكَ؟ ألا يستطيع أن يؤلم من آلمه في حياته؟ يتساءل! لَكِن كيف يفقد إيمانه بربه؟ عارٍ عليه!

يتقاتل في عقله ألف فكرة وسؤال.. كان الأمر يتطلب تدخلًا من شخصٍ يعرف جيدًا كيف يجعله يهدء ويخرج من هذِهِ الزاوية المظلمة.. دانيال صديقه! لَكِن أين قد يعثر عليه الآن؟

تنفس بعمق شديد مرارًا، حاول أن يطبق وَهُوَ يستذكر ما علمه إياه صديقه لمنعه من اِقتراف خطئًا، وقد أَرْخى قبضة يده تدريجيًا حَتَّى تحررت تلك الورقة منه، ثُمَّ أخذ يمسحها بيده من جديد لجعلها منبسطة فوق الطاولة، فأخذ يمسح عليها مرارًا وتكرارًا ونيته حمل القلم بعد ذَلِكَ..

لَعْنــة فـالْتـَـردُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن