٠٠٧

819 46 141
                                    


كان يُشاهد الشمس وهي تشارف على الخروج من بطن الأفق.. فيُدرك حقيقة إن كُلّ هذا قد حصل في يومٍ واحد، يومٍ واحد فقط من العيش مع آل فالتردو إستغرق منه كُلّ هذا الجُهد والعناء.. فكيف قد يملك الطاقة أصلًا للعيش لساعة إضافية معهم.. وكُلِّ ما باستطاعته الآن هُوَ الإنتظار وَالتأكد من أن والده قد تجاوز مرحلة الخطر ثم يُغادر..

كان بإمكانه معرفة معلومات أكثر بشأن الحالة الصحية لوالده فقط لو سأل أحد أفراد عائلته الذين يلزمون البقاء في المستشفى مُنذ الأمس.. لَكِنَه لم يكنْ يود فتح حديثٍ مع أي فردٍ منهم..

على الجانب الآخر، كانتْ جيني الجالسة عند النافذة في الطابق الثاني للمستشفى تنظر له عبر الزجاج بتركيز دام لمدة لا تعرف كم هِيَ، فعندما نظرت إلى كوب القهوة الَّذي جاءت لشربه بأبعد مكانٍ مُمكن عن عائلتها وجدته قد صار باردًا بطريقة توضح إنها ظَلَّتْ شاردة لمدة ليست بقليلة.

في البداية لم تفهم كيف ظهر هُوَ فجأة في الأسفل يمشي في الحديقة وكانه يبحث عن أبعد نقطة وَأكثر نُقطة منعزلة كحالها.. وعندما يعثر عليها أخيرًا، يبدأ برفع يديه عند أذنه ثم يُنزلهما وَهُوَ يشابكمها فوق بطنه ويَظَلُّ واقفًا هكذا لمدة من الزمن وَهُوَ يُحَرَّك شفاهه بخفة كأنه يتلو شيئًا ما داخل نفسه.. ظَلَّتْ تُراقب حركاته دون أدنى فهم لما يفعله بالضبط..

وَظنَّتْ في البداية إنه يفعل ذَلِكَ لغرابة أطواره.. ولكنه بدا مُندمجًا وخاشعًا بطريقة جعلتها تستوعب بعد مدَّة: أهُوَ يُصلِّي الآن؟

وعندما واصلت النظر إليه وراقبت حركاته وسلوكياته تأَكَّدتْ أكثر من إنها كانتْ صلاةً بالفعل! فهُوَ بدا مُرتاحًا جدًا في ذَلِكَ ومُنعزلًا بطريقة جعلتها ترتاح هِيَ الأُخرى وقد اِسْتَغربتْ لحقيقة أن أحدهم بأمكانه إطالة الصلاة هكذا.. بل وَيصلي لوحده في مكانٍ عام ٍ وَوسط كُلِّ هذِهِ الأحداث، كأن صلاته تُمثل رمزًا هامًا بالنسبة إليه..

فتبتسم فجأة عندما تتذكر ما حصل مُنذ ساعات، وَكيفَ تحول وجهه إلى وجهٍ شاحبٍ وَمصدومٍ عندما أخبرته إنها قامت بتنفس صناعي له عن طريق الفم.. وَكلما تستذكر ذَلِكَ لا تستطيع منع نفسها من تغطية وجهها ثم جر خديها بقوة وصفع جبينها تاليًا لعلها تستعيد صوابها وتستوعب ما فعلته من مصيبةٍ!

لكنها تشعر بالعجب من نفسها أكثر لكيف تبدو جريئة جدًا معه! لكنه هُوَ الَّذي يتصرف برسمية وسطحية غريبة معها! تُقنع نفسها بهذا بعد ذَلِكَ.. ثُمَّ تستدرك شيئًا ما فتقول: هُوَ يبدو رائعًا في كُل شيء.. حَتَّى عندما يتجاهلني.. تبَّا لأفكاركِ جيني!

تتنهد بقوة وَمن ثُمَّ تأخذ نفسًا عميقًا وَهِيَ متعجبة من نفسها أكثر لكيف تشعر بالإحراج فقط بسبب التفكير به لحد الشعور بالحرِّ الشديد الَّذي تصير معه تحاول تحريك يدها أمام وجهها لجذب الهواء اللطيف إليها.

لَعْنــة فـالْتـَـردُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن