موعد غداء

6 2 2
                                    


بمجرد أن أُغلق الباب خلفها، شعرت ليان بشبه صدمة. "لقد انتهى أمري..."، كان هذا الاعتقاد يملأ رأسها وهي تتخيل نهايتها الوشيكة. كيف يمكن لها، فتاة عادية، حتى وإن كانت قد اكتسبت بعض التحسينات البدنية خلال اجتياز الجولات، أن تصمد أمام كائن يتفوق على كل المعايير البشرية؟ حتى أقوى الرجال لن يستطيعوا سوى النضال لبضع دقائق في مواجهة قوة كهذه. في هذه اللحظة، أمسك المخلوق بعنق ليان بقسوة، وكان واضحًا أنه ينوي خنقها حتى الموت.

كانت ليان تكافح بكل ما تبقى لديها من قوة، لكنها سرعان ما أدركت أن المقاومة بلا جدوى. كل محاولة للهرب كانت تزداد ضعفًا، وكل نبضة في جسدها كانت تذكرها بحقيقة محتمة: أنها مجرد إنسان في مواجهة قوة لا تُقهر. في تلك اللحظات الحاسمة، شعرت بأن الحياة بدأت تفلت من بين أصابعها. كان كل شهيق أصعب من الذي قبله، وكل محاولة للمقاومة تبدو أكثر بؤسًا ويأسًا.

في غضون لحظات قليلة، تلاشت الكائنات الأخرى التي كانت قد خرجت من الجدران، كأنها أدركت أن وجودها لم يعد ضروريًا. بالنسبة لهم، ليان قد ماتت بالفعل، ولم يعد هناك أي سبب لبقائهم. كل ما تبقى هو هذا الكائن المخيف الذي استهدفها منذ دخول الغرفة، وأنفاسها التي كانت تُسحب منها ببطء وقسوة. شعرت بأن جسدها ينهار، وروحها تحوم على حافة الاستسلام.

في تلك اللحظة، وبشكل غير متوقع، ابتسمت ليان. رغم الألم والخوف الذي كان يجتاح جسدها، شعرت بلحظة سلام داخلي. "ربما هذه ليست ميتة سيئة جدًا بعد كل شيء"، فكرت وهي تختنق، بينما كانت تعلم أن رفاقها، شين لي ومالك، بخير. "على الأقل هم على قيد الحياة، وسيكملون المهمة التي تركتها خلفي... يانج هوا في أمان الآن بفضلهم". كان إحساس بالرضا يسيطر عليها رغم الألم، لأنها كانت مفيدة لهم في النهاية، ولأنها منعت موت الجميع.

بينما كانت ليان تكافح من أجل التنفس، اجتاحها شعور بالأسف العميق لعائلتها. عيناها، اللتان بدأتا تفقدان الضوء تدريجيًا، امتلأتا بالدموع وهي تتذكر وجه والدتها الحنون، ودفء حضن والدها. تذكرت لحظات صغيرة لكنها ثمينة، لحظات كانت قد اعتبرتها دائمًا جزءًا من حياتها العادية، لكنها الآن بدت وكأنها كنوز ضائعة في غياهب الزمن.

تذكرت صباحات العائلة الهادئة، حيث كانت تجلس حول المائدة مع إخوتها الصغار وهم يتجادلون حول من سيأخذ قطعة الخبز الأخيرة، ووالدتها تضحك بلطف وهي تعد الشاي. تذكرت صوت والدها وهو يروي قصصًا من ماضيه، تلك القصص التي كانت تشعر بالملل منها أحيانًا، لكنها الآن تتمنى لو تسمعها مجددًا.

تساقطت دموع ليان بحرقة وهي تفكر في إخوتها الصغار، مودة وحاتم، كيف لن تكون هناك لتراهم يكبرون، لتحتفل بنجاحاتهم وتشاركهم لحظاتهم السعيدة. "ماذا سيحدث لهم الآن؟ كيف سيتحملون غيابي؟" فكرت بيأس. كانت تتمنى لو تستطيع أن تودعهم، أن تعتذر لهم لأنها لن تكون موجودة لدعمهم وحمايتهم.

الموت الحتميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن