واقع أليم

31.2K 1K 107
                                    

مستلقية على سريرها، مغمضة العينين، شاحبة الوجه، شفتاها تحولت للون الأزرق بعد أن كانت وردية، كل من يراها يظنها ميتة، تجلس والدتها أمامها ولم تجف لها دمعة، تتحسر على وردتها الذابلة، بينما والدها يقف بقوامه جامد بارد وجهه لا يدل على أية مشاعر، كان هشام وسمية موجودان أيضاً وحالهما لا يختلف عن حال هدى وسليم، لإن ابنتهما الوحيدة أيضاً مفقودة ولا يعرفان شيئاً عنها، عم الحزن عليهم جميعاً من دون سابق إنذار، كان هشام يخطف نظرات إلى سمية التي تجلس وتبكي بصمت، تمنى لو أن يحتضنها ويطبطب عليها، نفض تلك الأفكار من رأسه فوراً لإنه لا وقت الآن لعشقه ونظراته، بينما شهد كانت تفتح عينيها شيئاً فشيئاً لتستقبل عينيها الضوء وترى كل من أمامها مستقبلة واقعها المؤلم بتفاجئ، تململت قليلاً لتحاول استيعاب ما يحدث حولها، تجمعت الأحداث بعقلها التي حدثت معها وتذكرت كل شي لتهبط دموعها وتجحظ عيناها وتبدأ بالصراخ والبكاء، بينما الجميع انتفضوا فور سماع صراخها ليهرعوا إليها ويحاولون تهدأتها، ظلت شهد تصرخ وتبكي وتتحدث بكلمات غير مفهومة بينما الجميع يحاول تهدأتها وهي لا تكف أبداً، ظلت تبكي وتصرخ وتنتحب وتضرب على السرير بقبضتها الصغيرة، ليجفل كل من في المستشفى ويهرعو إليها الأطباء، دخل الجميع إليها أطباء وممرضات، ليأتي الطبيب على الفور ويعطيها إبرة مهدئة بصعوبة بالغة كي تعود للنوم تحت صراخها ومقاومتها الشديدة له ولكن هشام وسليم أمسكاها وهذا ما سهل عليه إعطائها للإبرة المهدئة لتعود إلى أحلامها الوردية تاركة واقعها المؤلم والمخيف لهم، لتنعم بالنوم والهدوء مرة أخرى، احتدت ملامح سليم وزاد حقده على الذي تسبب بانهيار شهد وفقدانها لعذريتها بينما هدى احتد بكائها ونحيبها على ابنتها لتقوم سمية بتهدأتها شيئاً فشيئاً، ظل هشام واقفاً بجمود ليتنهد بحزن، والآن ابنتاه الاثنتان تقعان في ورطة، دخل يوسف عليهم بقوامه الصلب ليلقي التحية عليم وينظر إلى شهد مطولاً ليتحدث بجمود:

"كيف حالها الآن؟ ألم تستيقظ بعد"

رد هشام بهدوء:
"استيقظت وبدأت بالصراخ والبكاء وجاء الطبيب وأعطاها إبرة مهدئة لتعود للنوم"

تنهد بحزن ليوجه حديثه إلى سليم ويقول:
"أعلم بأنه ليس الوقت المناسب ياعم ولكن أريد أن آخذ أقوال شهد"

ابتسم سليم ابتسامة ألم ليقول:
"لن تستطيع أن تأخذ من شهد لا حق ولا باطل وهي بهذه الحالة"

تنهد يوسف بقوة وعقد حاجبية ليقول:
"حسناً ياعم لا بأس، أعدك بأننا سنجده عما قريب، وشهد ستتحسن تفائل بالخير"

حرك سليم رأسه بحزن واستسلام ليستأذن يوسف ويتوجه إلى الخارج ويمسك هاتفه ليتصل بآسر ويجيبه آسر ببرود:
"ماذا تريد"

لأجلكِ أنتِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن