بركان من الغضب

27.8K 1K 98
                                    

كانت تتنهد بحنق وغضب، كئيبة، حزينة، منغاظة، غاضبة منه، لا تعلم ما الذي غيره، كيف له أن ينساها وهو كان يموت بها عشقاً؟ هل تخلى عنها؟ هل مل منها ومن وجودها؟ ظنت بأنه سيكون مشتاقاً لها كثيراً مثلها تماماً، ولكنه لا يأبه لها ويتجاهلها، ما الذي فعلته له حتى يفعل هكذا بها؟ ولكن هي من تسببت بهذا الشيء، رفضته وأبعدته عنها، والآن تشعر بأن لا وجود لحياتها بدونه، تريده وبشدة، تشعر بتأنيب الضمير على مافعلته به، أخذت غرفتها ذهاباً وإياباً وهي ممسكة بهاتفها، وضعت يدها على زر الاتصال برقمه بتردد، تتصل أو لا؟ لا تعلم، كبريائها يمنعها وقلبها يصرخ طالباً لسماع صوته، تنهدت بعمق وشجعت نفسها لتضغط على زر الاتصال ويرن هاتفه، ومع كل رنة تزداد دقات قلبها، أجابها صوته الناعس الأجش ليقول:

"نعم"

ارتبكت ولم تستطع الحديث ليعقد حاجبيه باستغراب ويقول:
"نعم من معي"

هو لا يملك رقمها في هاتفه ولكنها هي أخذت رقمه من هاتف أخيها، تحدثت بتلعثم:
"ااا مرحباً ليث"

أتاه صوتها ليفتح عينيه باتساع ويعتدل بجلسته ليقول بهدوء:
"أهلاً من أنتِ"

امتعضت حين لم يعرف صوتها وقد أوشكت على أن تفقد الأمل منه وندمت على اتصالها له، هو يعرف صوتها ويميزه من بين مائة صوت ولكنه أراد استفزازها قليلاً، تحدثت بحنق:
"أنا رنيم"

ضحك بسره ليقول ببرود:
"أهلاً رنيم كيف أتيتي برقمي"

تنهدت بحنق بينما هو مستمتع بحنقها لتقول بغضب:
"جلبته من باسل اللعين ارتحت الآن"

ضحك بخفوت ليقول باستفزاز وبرود:
"حسناً ولماذا تلعنين؟ وماذا تريدين؟ هل كل شيء بخير"

صرخت به لتقول:
"لا شكراً لا يوجد شيء مع السلامة"

أنهت مكالمتها وأغلقت الهاتف بوجهه بينما هو ضحك عليها أشد الضحك لينظر لهاتفه ويحدث نفسه:
"لم ترين شيئاً بعد ياحبيبتي الغاضبة"

بينما رنيم تكاد تموت وتنفجر من شدة غيظها، لما يفعل معها ذلك؟ ولما يعاملها بهذه الطريقة؟ تنهدت بضيق وحسرة لتنهض وتشغل نفسها بأي شيء حتى لا تشغل تفكيرها به، ستحاول أن تعلن استسلام قلبها وتكابر وتتجاهله كما يتجاهلها، ستبدأ قصة حبهما من جديد ولكن حب يغلفه الكبرياء والكرامة، وسنرى من سينتصر على الآخر ومن سيتنازل للآخر أيضاً.

___________________ 

جالس بغرفته، ظلام كامل ودخان يتصاعد في الغرفة، الكثير والكثير من السجائر والخمر، يراها أمامه، يتذكر ضحكتها التي لم يرى لها مثيل، ابتسامتها البريئة، بكائها الذي يضعفه، وعذريتها التي فقدتها لتكسر ظهره بالظلم الذي حل بها، يحاول أن يأخذ منها الكلام ولكن لا يسمع منها سوى البكاء والصراخ، في آخر مرة كان عندها فرح كثيراً بتقدمه خطوة للأمام معها، تلك الصغيرة تجعله يشعر بتأنيب الضمير على ترك شاب سافل مثل سهيل ليسلب منها برائتها وضحكتها، منذ حادثة ماريا أخته لم يمس امرأة، أقسم بيومها أن لا يعود للنساء ولعلاقاته المتعددة، والآن أصر على أنه سيظل على قسمه ولن يمس امرأة سوى من دخلت قلبه، يحبها ويرى بها البرائة، وإن كانت بلا عذرية ولكن لن يكون متخلف إلى ذاك الحد، لديه أخت ويخاف عليها مثلما يخاف على شهد تماماً، سيخرجها من حالتها ولو كلفه الثمن عمره بالكامل.
نهض ليجهز نفسه ويذهب إليها لتنفيذ ما يجول في خاطره عل وعسى تتجاوب معه، دخلت شقيقته عليه لتكح بشدة من الدخان المتصاعد، ابتسم لها وهو يخرج ثيابه ليسمع صوتها تحدثه بحنق:

لأجلكِ أنتِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن