توالي الأيام

30.8K 1K 148
                                    

تسير تلك الفتاة في طريقها شاردة الذهن، لا تعلم لما هي حزينة إلى هذا الحد، تصرفات ليث معها قد زادت عن الحد، اعترفت لنفسها بأنها تحبه، ولكن اتضح لها من معاملته معها بأنه لم يعد يحبها كما في السابق، هي قوية وستتخطى هذه المرحلة، هذا حبها الأول ولكن إذا كان الحبيب لا يبالي فلماذا هي ستبالي؟ لن تظهر له مدى وجعها وحنقها من تصرفاته، ستصمد وستقف مكتوفة الأيدي لتراقبه بصمت من دون أي ردة فعل، وأي شيء موجع تمر به بسببه ستتخطاه وستكبت في نفسها ولن تخرج مآساتها لأحد.
زفرت بقوة وأكملت طريقها إلى المنزل، دخلت إلى المنزل لتسمع صوت ضجيج وعلمت بأن هناك ضيوف في المنزل، دخلت إلى غرفة المعيشة وصدمت من ما رأته، فقد كان ليث يجلس برفقة فتاة جميلة، ويجلسان معهما باسل ووالدته، أخفت كل معالم حزنها وبؤسها، دخلت إليهم ومشت بخطواتها الواثقة ورسمت على محياها ابتسامة واثقة لتلقي عليهما التحية وتجلس بجانب أخيها غير مبالية لوجودهما مع بعض، نظر لها ليث مطولاً ولم يرى أي علامات تدل على أنها منغاظة، حاول أن يغيظها ليقول:

"كيف حالكِ رنيم"

ابتسمت ابتسامة لم تصل إلى وجهها لتقول:
"بخير وأنت"

بادلها الابتسامة ليقول:
"أنا بخير"

حركت رأسها من دون أن تتفوه بكلمة لتسمعه يردف لها:
"اا عفواً لم أعرفكِ هذه مريم، محتمل أن تكون خطيبتي عما قريب، أتوقع بأنني حدثتكِ عنها أليس كذلك"

نزلت عليها كلماته كالصاعقة ولكن هذه الفتاة بالتحديد تستطيع أن تخفي ردة فعلها بسرعة كبيرة، كبتت حرقة قلبها لتهمهم بابتسامة واسعة وتقول:

"أجل لقد سمعت عنها، أهلاً وسهلاً بكِ يا جميلة ومبارك لكما أتمنى لكما الحياة الهنيئة"

صدم ليث من جوابها ومن ردة فعلها، كان يتوقع بأن تكون ردة فعلها مفاجئة وتحزن وتتملكها الغيرة، ولكنه لم يعلم بأن رنيم أقوى مما يظن، بينما مريم ابتسمت بوجهها ابتسامة ود وشكرتها على جملتها، ظلت رنيم جالسة وهي صامتة لا تتحدث بشيء، تجول الأفكار في رأسها، تعلم بأنه يتعمد إغاظتها ولكن ليس بهذا الشكل السلبي، فهذا الشيء سيؤثر على هذه الفتاة إذا كان بالفعل متعمداً إغاظة رنيم، نظرت له شذراً وقد تملكها بعض الكره تجاهه، يقوم بنسيان فتاة بفتاة أخرى؟ يحاول إغاظة فتاة بفتاة؟ هه ظنت بأنه قد عقل والتزم ولكن مازال على تصرفاته الصبيانية وهذا لن يناسب رنيم أبداً، لا تنكر بأنها كانت تشعر بالغيرة والغيظ ولكنها أخفت كل هذه الصفات تحت قناع البرود واللامبالاة، كانت تهتم به وتشعر بنيران تتآكل في جوفها عندما يتجاهلها وكانت تبين له هذا الشيء، ولكن ليس بعد اليوم، ستصدمه أكثر وأكثر، كلاهما أخطئا بحق بعضهما، كيف ستنخمد هذه الحرب التي شنت بينهما؟ لا أحد يعلم. نهضوا جميعاً إلى مائدة الكعام وتناولو غدائهم بصمت، ولكن ليث كان بغير عالم، كان بعالم رنيم فقط، ينظر لها بتعجب، هو بالأساس متعجب من ردة فعلها ومصدوم بشدة، تنهد بقوة ونهض من على المائدة فجأة تحت أنظار الجميع المتعجبة من موقفه، نهض باسل ورائه بعد دقائق ليراه جالس في الحديقة ويدخن سيجارته، توجه له ليجلس بجانبه ويتحدث بسخرية:

لأجلكِ أنتِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن