ضياع

29.6K 1K 37
                                    

استيقظت آسيل من أثر الضربة وقد شعرت بالألم الذي برأسها، ظلت تحدق بالسقف عدة دقائق وهي تراجع الأحداث التي مرت بها، بدأت دموعها بالسقوط وهي تلعن خالتها وخالها مئات المرات، نظرت حولها ووجدت بأنها بغرفة غير غرفتها، كانت غرفة مليئة بالفوضى ورائحتها كريهة ووجدت رأسها ملفوف بالشاش، لإن أحلام أصرت على مالك بأن يعالج رأسها كي تستيقظ بأسرع وقت ومن بعدها نقلاها إلى غرفة القبو وحالما تستيقظ سيقومان بتسليمها للشاب، حاولت آسيل أن تنهض وما إن وقفت حتى شعرت بدوار يقتحم رأسها لتعود وتجلس وتضع يديها على رأسها، رفعت رأسها وعادت لتهم بالنهوض وقد تحاملت على نفسها وبدأت تبحث بناظريها عن باب الغرفة لتتوجه إليه، حاولت أن تفتحه ولكنه مقفل، بدأت تصرخ وتخبط على الباب بعنف، وما إن سمعو صوتها حتى توجه مالك وأحلام إليها، فتح باب القبو ونظر إليها مالك نظرة غريبة ليتقدم منها ويقوم بحملها والصعود بها إلى غرفة المعيشة وأحلام تمشي ورائه، وضعها على الأريكة برفق وجلس بجانبها هو يعلم بأن ليس لديها القوة الكافية لكي تحاول الهروب لذلك اطمئن قلبه.
قامت أحلام بمهاتفة ذلك الشاب وأخبرته بأنها استيقظت لتسمع رده يقول لها بأنه سيأتي سريعاً، انضمت إليهما أحلام وجلست معهما وعم الصمت لدقائق، كانت آسيل لا تقوى على رفع رأسها ولكنها كانت مجبرة حتى شعرت بأنها لا تستطيع التحدث، تنهد مالك بحنق ووجه حديثه لآسيل وقال بنبرة لؤم:

"سيأتي الشاب ومن بعدها سنأتي بالمأزون ونعقد قرانكِ وتذهبين معه هل تفهمين؟ أحلام قد جهزت حقيبتكِ وكل شيء"

لم تبدي أي ردة فعل ولم تجبه وحتى أنها لم تلتفت إليه أبداً وهذا ما زاد من حنقه ليردف:
"هل تفهمين"

نظرت له نظرة خالية من المشاعر لتستجمع قواها وتقول بصوت مبحوح:
"لن تستطيع إجباري على شيء، إذا كنت تريد اقتلني لايهمني"

ابتسم ابتسامة ماكرة ليقول لها:
"لا لن أقتلكِ وإنما سأقتل والدتكِ وزوجها ما رأيكِ"

وجهت نظرها نحوه بصدمة لتعقد جاجبيها وتقول:
"ما الذي تقوله أنت"

تنهد بقوة واعتدل بجلسته ليقول:
"اسمعيني جيداً، أنا رجل لا يهمني سوى المال ولأكون صريحاً معكِ فأنا قد قمت ببيعك لذلك الشاب وقد دفع بكِ مبلغ كبير ومحترم وهو يعلم بكامل قصتكِ لإنني أخبرته بكل شيء، وإذا قمت بقتل والدتكِ سأنتفع من ذلك حتى وإن كانت أختي أقتلها، وأريد أن أقول لكِ شيئاً بأنني وضعت واحد من رجالي أمام منزل والدتكِ وممكن بأي لحظة أن أقوم بمهاتفته وأطلب منه بأن ينفذ ويقتل والدتكِ وعمكِ، هو ينتظر إشارة مني فقط، فماذا قلتي"

نظرت له بصدمة وهي تكاد لا تصدق بأنه يكن لها ولوالدتها كل هذا الحقد، كيف يستطيع بأن يقتل أخته ولا يبالي؟ كيف يستطيع فعل هذا الشيء الفظيع؟ هل المال يفعل هكذا بالناس؟ يا إلهي! هذا ما كانت تفكر به آسيل، لم تستطع القبول وكذلك لا تستطيع الرفض فما الذي ستفعله؟ بقيت تفكر ولكن دون جدوى لم تستطع أن تجد حلاً لهذه المشكلة، هي تعلم بأن خالها ممكن أن يقتل والدتها ولن يهمه الأمر، لإنه اتضح لها من نبرته وحديثه بأنه جاهز ولن يتردد لحظة واحدة، لن تستطيع أن تفعل شيء، حسمت أمرها وأجبرت على الموافقة لإنه ليس لديها حلاً آخر، تريد إنقاذ والدتها ولا تريد أن تخسرها، تنهدت بحزن ويأس لتقول:

لأجلكِ أنتِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن