من أول السطر (١٥)

385 27 10
                                    

في لحظة ما يولد الإنسان وفي لحظة أخرى يجد نفسه في مهب الريح بين عواصف وأعاصير الحياة لا ملاذ منها إلا بما شاء الله ولحظة أخرى يجد نفسه قد وقع .... وقع أسيراً لل ..... الحب ، الكره ، الطمع ، الحقد ، الأنانية ، الخيانة وما هي إلا لحظات وتقترب منه آخر لحظة .. اللحظة التي لن يكون هناك منها مفر وليس فيها فرق .... هي لحظة تعرف أنك خُلقت لها .... وترى فيها الحياة لحظة عابرة ونسمة من نسمات الخريف السريعة قبل قدوم الشتاء البارد ....
لم يكن الإنسان ليعرف كل هذا إلا عند قدوم تلك اللحظة وصدق القائل لو أني أعرف خاتمتي ........... ما كنت بدأت .

تحرك الاثنان معاً بعد أن انتهى الحفل وودعهم الأهل وأصدقاء الأهل والقلة التي قدمت لهذا العرس العجيب....
كانت المشاعر في هذا اللحظات دوامة من المعاني المختلفة معاني قد يتوه بها القارئ ولكنها حقيقة ..
فخوف فريدة كان أكبر من سعادة شريف وكسرة قلب نهى لا تقارن بغصة أحمد وحسرته.

تحرك شريف ممسكاً بيدها حتى وصلوا إلى السيارة ليلتفت وهو ممسك بيدها لتتبع حركته بتلقائية ووقف ثانية أشار فيها للذين يقفوا في لحظة توديع وما هي إلا ثانية حتى التفت وقام بفتح باب السيارة لها لتركب دون حديث يذكر ودون أي تعبير ...

ركب هو الآخر سياراته وشرع في قيادتها وعقله لا يتوقف عن التفكير في تلك الجالسة بجواره كصنم أصم لا يتحرك ولا يتنفس حتى .. لقد ظن انها قد تحاول الحديث أو حتى فرض أية شروط عليه ولكنها أدهشته بهذا الصمت المبالغ فيه ولن ينكر أنه شعر بريبة من هذا التصرف الغير مبرر بالنسبة له .
لا يعرف تلك الدوامة التي تعصف بها من الداخل ؛ تلك المشاعر القاتلة بين الخوف والغضب والكره .. السخط على والدها الذي دمر كل ما تبقى من أحلامها التي كانت حطاماً من الأطلال بعد وفاة إياد ولكنه حتى حرمها تلك الأطلال وأصبحت خاوية من كل شئ ..
حتى تلك الأنثى التي ربما كانت ستقاوم حزن وألم الفراق وتنظر للحياة نظرة مختلفة .. قتلها بكل قسوة وهو يتحكم بها كأنها قطعة أثرية تنقل من متحف لآخر ...

ظلت تُحارب دموع قهرها فهي لا تريد أن تبدأ معه في أول ليلة من عذابها بضعفٍ  ومرارة قد تجعله يتحكم بها أو يظن أنها صيداً سهل يستطيع التحكم فيه ... بينما هو كان يُفكر ويفكر ماذا يفعل معها لن يترك الأمر يبدو زواج بالإكراه .. يريدها أن تنسى أن تعيش معه كما لو كانت هي من أرادت هذا الزواج وقبلته بكامل إرادتها رغم يقينه أنها الآن تكرهه لكنه ظل محتفظاً ببصيص من الأمل في أن تبادله مشاعره وتعرفه على حقيقته وليس ما يدور ببالها عنه الآن فقط !..

تنحنح قائلاً : تحبي نروح بيتنا على طول ولا نطلع على أوتيل لأننا كدا كدا هنسافر بكرا !؟

نظرت له باشمئزاز لم تستطع اخفائه ولم يستطع هو تجاهله وقالت : مش فارقة !!!!..

حاول أن يكون طبيعياً وألا يضغط عليها قدر الإمكان وقال بتلقائية شديدة : مش عايزة طيب تعرفي هنروح فين ؟

الفريدة   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن