الفصل العشرون
______________________- صباح الخير
رفعت نظراتها لخروجه واخفضت بصرها سريعاً من التفاف خصره بالمنشفة بينما اخري بين يديه يجفف بها خصلاته
- ص.. صباح النور
اجابته رغم استغرابها من حديثه معها
وبدأ هو في ارتداء ملابسه ليصفف خصلاته واضعاً من ذلك العطر الذي اكتشفت مؤخراً عشقها له !
- رايح الشركة؟!
سألته واومأ رابطاً احبال حذائه
- هعدي الاول علي المينا
اومأت بصمت ناظرة ارضاً وقد اعتدلت جالسة بهدوء
- انا.. انا عاوزة اتكلم معاك
رفع رأسه لها متابعاً عقد الاحبال دون النظر
- اتفضلي
ابتلعت ريقها بقوة تشعر بإضطراب شديد وعقلها مشتت لا تعرف كيف يحدثها عن الطلاق وينام بعيداً عنها فوق الاريكة ليتحدث في الصباح بطريقة عادية وكأن شيئاً لم يكن !
- اتفضلي .. انا سامعك
انتبهت إليه رامشة من شرودها وبدأت بفرك اصابعها تلقائياً
- هو .. احم .. هو احنا ...
- هنطلق زي ما قلتلك .. ولكن هخلص حاجات مستعجلة معتقدش انك مش طايقة اعادك لكام ساعة زيادة .. صح؟!
نظرت له بدموع وما كانت ستسأله عن الطلاق ولكن...
اغمضت عينيها لا تعرف عما كانت ستسأله من الاساس
- في مشكلة ؟!
سألها بهدوء ونفت دون النظر نحوه حتي شعرت به ينهض ليذهب ولكنه اتجه نحوها ليطبع قبلة فوق خصلاتها
- مفيش داعي للتوتر دا كله .. وطلاقنا مش هيعدم الاحترام بنا فطبيعي اصحي اقولك صباح الخير وأكلمك بكل أدب
- يوسف ...
همست بإسمه وقاطعها ماسحاً فوق خصلاتها
- يوسف دايما موجود لو احتجتي اي حاجة .. حتي بعد ما تبقي طليقتِ
رفعت نظراتها الدامعة له وداخل حلقها غصة مُخنقة
ابتسم بهدوء ليخرج ايضاً بهدوء تاركاً إياها وسط ذلك الفراغ المُتسع داخلها حتي انه غلب فراغ الغرفة الكبيرة
*************
رمشت بخوف ناظرة لوالدتها علي صوت سقوط الصحن الذي تهشم قبل أن تعود ناظرة لوجه ابيها بدموع لا تصدق أن موسي اخبرهم !
- عرفت امبارح وتعبت.. كانت بتموت!
بس الغريب ان محدش حس بيها منكو كأنها عايشة في بيت تاني !
نظرت له بصدمة من حديثه ونهض من مقعده متابعاً بهدوء
- زي ما طول عمرها عايشة هنا.. بتموت لوحدها وانتو..
انتو غايبين عن الدنيا باللي فيها
تسارع تنفسها لا تصدق ما يفعله ولم يصمت متابعاً حديثه واقترابه منها وكأن رؤيته لحالتها المؤلمة أمس دمرت كل ذرة تعقل لديه
- خرجت من الاوضة هنا.. كانت دايخة ووقعت في الحمام.. مبطلتش عياط.. وطول الليل بتنتفض.. كمان نزفت من كتر الضغط النفسي زي ما نزفت قبل كده كذا مرة
وانتو متعرفوش حاجة
نفت بدموع سقطت وتوقف امامها ناظرا لمحيطها الهائج بامواجه
- منامتش طول الليل وقطعت النفس مرتين.. حتي انا مش عارف هي ازاي واقفة كده قدامكو
شهقت ببكاء ناظرة لعينيه وصمت اخيرا وذلك الشعور المُلح بإحتضانها يتصاعد داخله بقوة
- ميان!
رمشت علي همست والدتها الباكية وظلت نظراتها لعينيه تتنقل بينهما بمرارة وصدمة من فعلته
- احنا.. احنا.. منقصدش .. والله .. والله منقصد
سالت دمعتها دون أن ترمش تلك المرة وتابعتها نظراته وكأن المشهد مُصلب دون حركة فقط الحدقات داخل الاعين هي من تتحرك!
- انا كنت هقولك
وكان ذلك الصوت لابيها وايضا لم تنظر نحوه وكأن عينيها ستضيع وقوتها ستخور إن تركت عيناه
- انا متجوزتش الا لظروف و.. و.. رقية كانت عارفة
مالت شفتيها ببسمة هزيلة مكسورة قتلته !
وابتلع ريقه امامها يري انهيارها دون حديث..
يشعر برجفتها دون لمسها ..
يسمع أنين روحها عبر حدقتيها المُهتزة ..
اغمض عينيه للحظة مُبتلعاً ريقه بقوة اكبر يشعر بتزلزله وكأنه أمام طوفان ازرق يهتز بالعمق
- صدقيني احنا مقصدناش
وبهمسة والدها اتسعت بسمتها المتألمة ليتأجج داخلها شعور البكاء وحتي الصياح!
- مقصدوش !
وكانت تلك اول همسة منها قبل أن تهبط بنظراتها حتي ذقنه بينما عينيها فالاصل قد شردت بدموع
- عندي 25 سنة.. وهو اكبر مني بسنة..
كل السنين دي مخبين ومقصدوش!
مسح كامل دموعه مبررا بخزي شعر به من تألم وصدمة نبرتها
- صدقيني يابنتي احنا خفنا عليكي تزعلي او...
وقاطعته بسخرية واضحة رغم الدموع
- خفتو! .. خفتو عليا من ايه؟!..
التفتت له لاول مرة تاركة ظهرها لموسي الذي ظل واقفا خلفها بقلب ينبض قوة
- من ايه يابابا.. طب مخفتش عليا وانت بتسبني لوحدي.. مخفتش يحصلي حاجة وحشة.. مخفتش حد يأذيني وانت مش جمبي!
تغضت عيناه الزرقاء واغمض موسي عينيه وليت ما تقوله لم يحدث وليتهم يعلموا كيف دمروها في سبيل حمايتهم المزعومة لها
وتابعت هي ببكاء شديد
- انا سلمت علي اخويا وانا معرفهوش.. شلت بنته وانا محرجة منه لاني غريبة.. خفت ابصله او اكلمه لان راجل وانا بخاف
صمتت تشهق ببكاء شديد غير مستوعبة لتنفي بيدها المرتعشة مُسكته والدتها الباكية
- لا يا ماما متقوليش مش قصدكم.. قولي انك كرهتيه لان بابا اتجوز.. قولي انك منعتيه يجيبه عشان خفت عليا منه.. قولي انك خفتي احبه اكتر فمحاولتيش تقوليلي عليه
تسمرت رقية ناظرة بصدمة لما تضربه في وجهها من كلمات للاسف ما كانت الا حقيقة
وكانت هي قد وصلت لاعتاب الانهيار من بكائها برغم انها لا تصرخ وفقط تتحدث بنبرة شبه مرتفعة بالنسبة لميان المستكينة دائما!
- انتو عارفين انتو اذيتوني ازاي.. عارفين لو جبتوه يعيش معانا كان حماني من ايه.. عارفين لو كان هنا كان وقف جمبي وساعدني في ايه..
طب تعرفوا انا انضربت من كام حد وانا طفلة..
ورفعت يدها المُرتجفة نحو موسي متابعة بنحيب متقطع من وسط انهيارها
- عارفين انا بخاف منه اد ايه.. تعرفوا انه لسه مقربش مني وكل دا صابر عليا..
شهقت ببكاء قوي ناظرة بحسرة بينهم لتهمس بوجع
- طب تعرفوا اني بتعالج نفسيا من شهور..
صمتت بإختناق وشعرت بذراعي موسي لتعلم انها ترنحت دون شعور تحت هتاف ابيها القلق ووالدتها التي جلست ممسكة قلبها بقوة!
ولا تعلم اكتر فقط شعرت به يحملها بقلق وغابت بين دقات قلبه التي هدرت اسفل اذنها لتستوعب ان رأسها فوق صدره النابض بجنون بينما يديه اسفل ركبيتها
- هتبقي كويسة.. متقلقش يابشمهندس
سمعت صوت نسائي يطمئن بهمس قبل أن تري جريان السقف باضوائه من فوقها
- الضغط بقي 70/50 يادكتور
ابتلعت ريقها تميز الاصوات بوضوح قبل أن تغيب مرة اخري بشرود لتفتح عينيها ناظرة لوقوفه بعيدا قرب ازهار ناعمة ومجري مائي حمل لونه الازرق والفيروزي
- انا معاكي يا ميان.. متخافيش
همس لها وابتسمت بحزن تشعر به ولا تعرف انها ابتسمت حقا وهي نائمة امامه وقد جلس علي حافة فراشها يمسح فوق كفها وذراعها الموصول باسلاك المغزي.
**********************
- حمدلله علي سلامتك يا جلبي
قالتها صفية رابتة فوق صدره وتخطاها ببرود مُلقية التحية علي الجميع ليدخل غرفة المكتب مع عمه الكبير دون حديث !
- شفتي يامرات عمي المعاملة.. شايفة عمايل ابنك ..
بجوله وحشني وهو ولا عبرني حتي
تنهدت فخرية رابتة فوق كتفها بمراضاه
- معلش يابتي يمكن في مشاكل في الشغل اصبري عليه .. عثمان جلبه طيب .
زمت شفتيها بحنق صامتة وفي الداخل هتف عبدالرحمن بعصبية
- يعني ايه تتجوز.. انت اتجننت ولا اتجننت ؟
- مفيش جنان ياعمي .. الشرع محللي اربعة وانا حابب اتجوز في الحلال
- بس انت لسة راجع لمرتك وفرشتك .. ايه اللي جاب الجواز دلوجت
- عادي ياعمي في واحدة بت حلال وعجباني وحضرت مربينا زين ومستحيل نوجع في الحرام فهتجوزها وتبجي حلالي وكله في شرع ربنا
- وبنت عمك يا عثمان .. عادي اجده تتجوز عليها
- لو مش عاجبها ياعمي انا ممكن اطلجها
وضرب عبدالرحمن الارض بعصاته هادراً
- تبجي اتجننت زي ما جولت.. تطلج مين ياض .. انت اتهبلت في مخك ولا ايه ؟!
تنهد عثمان بهدوء
- انا جولت لو هي عاوزة
نهض عبدالرحمن من مكانه داكاً الارض مجدداً بغضب
- الحديث ديه يرفع الضغط وانا مش موافج عليه
- دي حياتي ياعمي
والتفت له صائحاً بعصبية
- يعني ايه.. هتكسر كلامي !
- لا ياعمي ما عاش ولا كان اللي يكسرلك كلمة .. بس انا بجولك رايدها والبت كمان مش غريبة دي تولين اللي كانت بتشتغل اهنيه
اتسعت عيناه صدمة ونهض عثمان متحدثاً بهدوء
- صدجني مش تحدي ياعمي وكل اللي هتجوله انا عارفه وعارف انك هتجولي ميصحش بس انا فعلاً رايدها بالحلال وهتجوزها فمتوجفش في طريجي وحاول تفهمني
- مفيش فهم .. الجوازة ديه مرفوضة .. وسكر علي الموضوع ديه
**************
عادت مرة اخري تبكي بقوة ولا تستوعب انها خسرته بغبائها وتهورها وليته يعلم انها حقا لم تقصد!
أنت تقرأ
خيوط عشقك
Romanceالجزء الثالث من سلسلة للعشق سلطة آخرى الجزء الاول (كيف عشقت) الجزء الثاني (وميض العشق)