الفصل التاسع والثلاثون

34.9K 1.2K 189
                                    


شهقت صفية بصدمة من فعلة ابنتها لتحتضنها بقوة متراجعة للخلف بمجرد ما رأت عثمان يدلف من الباب..
كتمت فاه قمر المصدومة بقوة لتتحرك بخطوات مرتجفة للغرفة حاملة جسدها الصغير
بينما في الاسفل كان قد دخل لتوه ليخفق قلبه من استلقائها ارضا وقد حضر تدحرج جسدها فوق الدرجات الاخيرة
- تولين!
همس بها بقلبه قبل لسانه ليركض جالسا ارضا بصدمة وصراخ اخرج كل من في السرايا
مالت برأسها جانبا لتحركها بضياع من اهتزاز كل شئ وصوته يتوالي فوقها
- تولين..
خرجت فخرية لتضرب صدرها بصدمة شاهقة بعنف تحت بكاء مديحة التي جلست جانب تولين لتصرخ بذعر من رؤيتها للدماء
- البت بتسجط.. اتحرك
نظر لعمته بذهول وحقا كان كالمشلول من صدمته ليجذب جسدها في ركض للخارج
- بعد.. بعد
صرخ بأمر علي الحارس امامه واضعا جسدها في السيارة بينما مديحة قد صعدت ببكاء في المقعد الامامي لينطلق بهما بقوة
- خير بإذن الله.. خير يارب
تمتمت بإنتفاضة تحت متابعته للطريق حتي التفت ناظرا للخلف ليصرخ بها
- اتحملي.. اياكي تموتي.. انت سامعة.. اتحملي يا تولين
اغمضت مديحة عينيها بنحيب ماسحة دموعها بطرف وشاحها الاسود
- حاسب يا عثمان.. حاسب !
صرخت عليه بفزع وكأن سيدهس كلبا دون قصد لينحني بالسيارة التي اختلت للحظة كاختلال قلبه
- هتموت ياعمتي.. الدكتورة جالتلي انها ضعيفة
نظرت له ببكاء مطمئنة رغم ذهولها من ذعره وتخبطه الشديد وما كان عثمان صاحب مشاعر وحب ليظهرهم هكذا دون وعي
- لا ياحبيبي هتبجي كويسة.. ربنا يسترها..
نفي بنهيج ليعود ناظرا لوجهها الشاحب مادا ذراعه ليتمسك بها وكأنه يجذبها من الموت إن كان سيأخذها
- بتنزف ياعمتي.. انا خايف تموت.. الدكتور جالت ضعيفة .. هي اصلا مبتتحملش
سالت دموعها اكثر بإشفاق علي حالته وتلك الفتاة في الخلف وبمجرد ما اوقف السيارة امام المشفي حتي هبط منها يصرخ مناديا بقوة علي طبيب ليحملها راكضا بتوسل صارخ بأن زوجته حامل وسقطت من فوق الدرج .
- الحجوها.. بتنزف وحامل في الثالث.. او اكتر.. اسعفوها الدكتورة جالت انها ضعيفة.. مبتتحملش وجسمها ضعيف
كان يتمتم بكلام غير مرتب وانطلقوا بها الممرضين للداخل ليتم اقافه هو وعمته في الخارج
- اهدي ياولدي.. خير بإذن واحد احد.. استغفر ياحبيبي.. استغفر ربنا يخلفنا خير
اغمض عينيه بلهاث وتوقف يتمتم بذعر
- اللهم اجرني في مصيبتي واخلفني خيرا عنها .. يارب متخدهاش مني .. يارب لو هتديني مقابل ستري ليها حياتها انا موافج .. مش عاوز ثواب الا حياتها.. سيبهالي يارب
احاط رأسه بقوة جسده يرتجف من التوتر والخوف لاول مرة في حياته
وكلما نظر لدمائها فوق ملابسه كلما تصلب قلبه بألم ناحر
ولا يعلم لما يشعر وكأنه سيموت إن فقدها!!
*******************

- انا هروح مشوار وراجع علي طول
نظرت له بقلق وها هو يخرج لليوم الثاني ليظل لساعاتٍ في الخارج !
رمشت بقلق وحقا بدأت تشعر وكأنه يبعدها عن ميان..
دائما يستخدم حجج غريبة بين كونها في القصر اوالعمل واخيراً مسافرة مع زوجها !
تنهدت بهدوء وقُطعت تنهيدتها فجأة
- حمدلله علي السلامة
التفتت علي الصوت وكان متوقفا بشموخ
- اه صح نسيت انك خرسة ومش هتعرفي تردي
ظلت صامتة ودلف رسلان ببطء يريد أن يدب بالذعر داخلها
- هتفضل بقي لان مش هتعرفي تعزمي عليا .. معلش خرسة ومعاكِ عذر
نظرت لجلوسه وبدأ يتحدث محاولا تهديدها بينما هي كانت في اقسي درجات البرود حتي اتسعت عينيها من جملته
- اما نشوف بقي هتستنجدي بمين.. اهه موسي ومرمي في العناية من ايام .. غالباً دي ايامه الاخيرة !
ابتلعت ريقها محافظة علي هدوئها رغم ذهول عقلها من كذب إياس عليها وخوف قلبها علي ذلك المدعو موسي ولم تجد منه إلا كل شئ جيد..
دائماً ما حماها حتي دون معرفته بها..
وضعها في مشفاهم دون مال واهتم بها ليأتِ لها بالطبيب النفسي عبد الكريم وايضاً دون مال
- ايه انتِ بقيتي طرشة كمان مش بس خرسة ؟!..
سألها بسخرية رغم غضبه المكبوت من برودها وعدم ابدائها لأي من ردود الفعل
ونهضت بهدوء تحت بسمته لتلتقط سكين الفاكهة مقتربة منه
ابتلع ريقه محاولاً الثبات حتي يثبت لها انها لا شئ ولا تستطيع اخافته وابتسمت هي تلك المرة قارئة افكاره من نظراته اللامبالية بإهتزاز مفضوح !
- ايه فاكرة اني هخاف!!.. هو انتِ ناسية انا مين فعلا!
هزأت بملامحها ناظرة داخل عينيه ورفع لها رقبته وكأنه يخبرها بلامبالاة أن تضع السكين عليها إن كانت شجاعة
ولم يكن يعرفها ..
ولم يتعرف علي راما!
وصدمته بل واوقفت قلبه عندما اقتربت بسكن السكين لبين قدميه !
قضب جبينه وحاول ابعادها ولكنها قبضت بقوة وبكل اعصاب لديها فوق كفه بينما عينيها تتواصل بشرارة حاقدة مع عينيه المنذهلة
ونعم لم تتحدث إلا أن انفاسه تسارعت ليتأوه من شخطها لرقبته!
ولا يعلم متي صعدت بالسكين للاعلي بعدما جذب كل انتباهه وخوفه للاسفل
- جمان ..
نطق باسمها جازا فوق اسنانه وضغطت بعصبها فوق معصمه وكأنها ستكسره
كما ضغطت بالسكين اكثر فوق عنقه والغريب أنها حددت موقع عرق رقبته الكبير بكل حرفية!
وما لا يعلمه هو بحثها عن مواضع القتل في جسد الانسان لتسأل روسيل في النهاية
ولم تقصر الطبيبة في اجابتها!
اوضحت لها كل النقاط القتل من الشريان السباتي في الرقبة لشريان الاورطي في الفخذ ل.. ل..
- لو قطعت العرق دا هتموت في اقل من 30 ثانية يا رسلان..
اتسعت عينيه بصدمة من حديثها لتبهت ملامحه بشحوب مُرتعب
وتابعت مضيقة عينيها بشفقة مصتنعة علي صدمته بينما انفاسها تلحف صفحة وجهه
- بس انا مش هقطع العرق دا.. ولا هقتلك بالطريقة دي.. عارف ليه !
رمش دون حديث قلبه يخفق بعنف ومازال لا يصدق سماعه لصوتها
- لان الانجاس بيموتوا بطرق تانية!
شحب وجهه تماما من همسها المُرعب ونظراتها الخبيثة كما رأها
ولا يعلم هل صدمته من حديثها ام من وحشيتها وكأنها آخرى
ام..
ام من جدية حديثها وكأنها جربت القتل من قبل..
اقتربت اكثر من وجهه لتهمس بصوت محذر كالفحيح
- متلعبش مع بنت شوارع.. اقصد حواري!
وصلها صوت ابتلاع ريقه وابتعدت مستقيمة ببرود وكأن شئ لم يحدث
حتي هو نفسه يشعر وكأنه داخل كابوس !
نظرت لنهوضه المذهول وخروجه المتخبط من البيت لتتحرك آخذة اول سيارة اجرة
- مستشفي الهاشمي الدولية
اومأ السائق متحركا وفتحت النافذة تتنفس بقوة
عقلها ينبض مما خاضته للتو وتستطيع تسمية ما حدث بانها واجهت اخيرا وحشها المُرعب .. تصدت له ولو مؤقت..
مؤقت إلي حين قتله!!
ابتلعت ريقها بألم وها قد عاد لها صوتها ولكن دون حياة!
مضي اكثر من اسبوع علي حديثها وقد خرج عندما نهضت صارخة من كابوس شاهدت فيه ابتعاد والدتها لتسقط داخل مياه عملاقة قبل أن يسقط إياس خلفها!
ارتجفت شفتيها تشعر أنه سيموت وقد فسرت ان اخذ الميت للحي في المنام يعني الخطر!
اغمضت عينيها بإهتزاز وكم نهضت متعرقة وقتها لتدخل في نوبة بكاء عنيفة بينما كان هو في الاسفل وقد خرج صباحا لتمارينه الرياضية
وكأنه سيموت إن لم يهتم بجسده ولياقته!
ترجلت امام المشفي بعدما نقدت السائق وصعدت تشعر أن ميان هنا وحديث ذلك الحقير خير دليل علي كذب إياس ومحاولته لإبعادها عنها كما كانت تشعر!
***********************

خيوط عشقكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن