الفصل الرابع والاربعون

39.7K 1.2K 171
                                    


تشوشت الرؤية امامه بينما عقله ينبض بقوة شديدة، نهض وخرج ببطء تحت نظرات الطبيب المشفقة عليه!
سار دون شعور في الرواق حتي ان صوت الطبيب علي لم يصله
- هو دا مش بشمهندس يوسف!
اومأت الممرضة وعادت تنفي بحيرة فربما كان اخيه ويرتدي الفواتح لاي سبب ٍ
مط علي شفتيه وعاد لعمله بينما يوسف كان كما هو يسير دون شعور..
دون روح..
دون حياة..
- للاسف الحالة واضحة
رنت جملة الطبيب في اذنه وفتح سيارته يشعر وكأن الارض تنهدم من تحته بينما فوقه يتضاعف الضغط
- عقم!
تذكر همسته المصدومة للطبيب وتأكيده المشفق ليتابع محاولًا امداده بالامل
- لكل شئ علاج متقطعش الامل.. محتاجين بس تحاليل وهنعمل شوية فحوصات وياريت لو المدام تكون موجودة عشان محتاجين تحاليل تانية
انطلق بسيارته والرؤية تتشوش كل لحظة وآخرى بينما سبب الكشف يلوح امامه
وجهها الضاحك يظهر له بوضوح.
ملاعبتها للطفلة الجميلة وتلك الروح التي اُحيطت بها بمجرد ما حملتها بعدما تعلقت بها مصادفة اثناء شرائهم للاشياء
وكان غرضه من التبضع تغير نفسيتها السيئة ولكن الصغيرة أتت كسببًا اقوي
يتذكر كم تحسنت وكم ظلت تتحدث عن جمال الفتاة ورقتها
- تعرف انا بقي نفسي اخلف بنت.. ولو ربنا كرمني ببنت فعلا هسميها ميان ولو ولد هسميه علي اسم بابا الله يرحمه
ابتلع ريقه وازدادت دموعه حتي توقف جانبًا بالسيارة تحت مسبات آخر كان سيصطدم به من سرعته وتمايل السيارة منه
شهق بقوة لا يستوعب ذلك الألم وما دفعه للكشف إلا حالتها الغريبة بالتعلق وكان لفترة زمينة معتقدًا انها تتناول الموانع حتي لا تنجب سريعًا من تشتتها ولكن لا يوجد موانع. .. الحمل متأخر لانه لن يأتي!
اغمض عينيه بقوة ومال يبكي برعشة فوق عجلة القيادة..
يشعر وكأن صدره سينقسم من الوجع!
*******************

- صباح الخير
اعتدلت علي صوته ولم تتخيل وجوده ومن المفترض ذهابه للعمل منذ ساعات
اقترب واضعًا المنشفة جانبًا تحت نظراتها المهتزة لتتسمر علي اقترابه من الفراش وملامسته لجبهتها
وكان يستشعر حرارتها ليتنهد بإرتياح من انخفاضها
- الحرارة نزلت اهيه.. الحمدلله
ابتلعت ريقها بصمت وانخفضت اصابعه حتي لامس عنقها موضع الخدش الصغير
- امبارح حرارتك ارتفعت كتير وصحيتي تعيطي وتصرخي
رفعت عينيها بذهول مما يقوله وتابع مبتسمًا بإستغراب من دهشتها والتي دلت علي عدم تذكرها
- كنت بتضربي الجو وحاولتي تضربيني كمان
رفرفت جفونها بعدم تصديق وقضب جبينه متسائلاً بمشاغبة
- متجوليش انك مش فاكرة.. دا انا جولت انك بتمثلي عشان تضربيني بحجة المرض واهه تنتجمي مني
نفت مسرعة بصدمة مما يقوله واتسعت بسمته حتي قهقه من معالمها المذعورة
- خلاص اهدي.. انا بهرج معاكِ
زمت شفتيها بصمت مرتجف واقترب اكثر حتي رفع ذراعيه ضامًا رأسها لصدره تحت ذهولها.. وتوقعت منه كل شئ عدا هذا التصرف
- حمدلله علي سلامتك.. جلجتيني عليكِ
تسارعت انفاسها والكلمة منه قادرة علي هدم الكون من حولها وحتي داخلها..
السؤال عن حالها فقط يُرجف قلبها من نبرته وصوته..
- مش عاوز كلام في اللي حصل وتجنبي صفية خالص
رمشت بصمت واغمضت عينيها مستنشقة رائحة عطره.. وكم تعشقها!
- انا نازل عشان ورايا شغل مع عمي.. مش هتأخر
تابعت تحركاته بنبضات صاخبة ولا تستوعب انه بقي كل هذا ولم يذهب للعمل حقًا
ضغطت صدرها وعقلها يفكر في سبب بقائه
وإن كان من اجلها حقًا!
انتفضت علي طرقات الباب ولا تعرف كم مضي من الوقت من بعد خروجه لتنهض متصلبة من دخول صفية
وكم كان الحظ معها وقد دلفت مديحة من بعدها حتي انها لم تستطع رميها ولو بمجرد كلمة واحدة
- يلا يا تولين.. عملتلك شوربة خضار وفرخة مسلوجة هتاكلي صوابعك وراهم
اومأت وتحركت ولكن صفية اوقفتها ساخرة
- لاهو انتِ ناوية تنزلي اجده.. !!
ايه هتفرجي الرجالة علي صدرك يمكن تجدري تخطفي واحد تاني وتخربيلك بيت كمان اياك
ارتفع ذراعيها تخفي جسدها تلقائيًا بينما ضربات قلبها تضاعفت ولا تتذكر إرتدائها لتلك المنامة الحريرية.. وبالتأكيد هو من فعل!
- هغير.. مختش بالي
همست بإرتباك وجزت صفية فوق اسنانها تنظر لها بكرهٍ شديد ولاول مرة تتمني موتها حقا..
حقًا تتمني حضور جنازتها ودفنها في التراب.. لا تغيب صورة عثمان وهو يضمها عن مخيلتها ولو لدقيقة
- اتفضلي علي ما اغير
تحدثت تريد اغلاق الباب وانتبهت صفية لتقترب ناظرة لها بإزدراء
- كنت فاكراكِ احلي من اجده.. مش عارفة ايه اللي اغرتيه بيه دا حتي جسمي كله انوثة عنك
ابتلعت ريقها مقطبة ودائما تشعر بواقحتها وحديثها الفج وكأنها تربت في الشوارع
- شئ يحير انه مخليكي مع انه شكالي انك مش نافعة ولا عجباه ولولا الحرام والحلال كان بعد عنك
اتسعت عينيها بصدمة مما تقوله وتراجعت للخلف بإرتباك محاولة اخفاء جسدها بينما صفية قد خرجت وتشعر بأنها نجحت بإصابة هدف ما!!
لا تعرف ماهيته لكنها اخلت بثقتها ولو لثوانٍ
ابتلعت ريقها متنهدة ومن داخلها تعتقد أن ادعاء تولين للبراءة والنعومة هو ما جذب عثمان.. وإن كان هذا هو السبب حقًا فهي قادرة علي تحويلها لإمرأة عنيفة تريد المزيد عله يمل كما مل منها!!
هبطت الدرجات عقلها مشوش من تضارب الافكار وكلما تلوح لها فكرة يعود عقلها لينفيها مظهرًا لها آخري غيرها
- يلا ياصفية نجهز الوكل زمان الرجالة جايين
اومأت ودلفت تحمل الاوعية لتقوم بإفراغ الأرز في صينية كبيرة بادئة برص الدجاج فوق الارز الساخن
- هو عثمان هيرجع تاني؟
نفت فخرية واضعة اطباق الحساء
- لا لساته خارج وجالي احتمال كبير مياكلش معانا.. إلا بجي لو رجع مع عمه عبدالرحمن بالغصب

خيوط عشقكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن